التي يضمها الباب أربعا لشعراء من هذيل1، أي ثلث الباب كله أو ما يعادل نصف عدد مقطوعات الصعاليك أدركنا دقة ملاحظة الأصمعي عن كثرة العدائين في هذيل.

والواقع أن أحاديث الفرار ظاهرة واضحة كل الوضوح في أخبار الهذليين وأشعارهم حتى لتعد سمة من سمات الشعر الهذلي. وفي شعر الأعلم الهذلي قصيدة طويلة2 يتحدث فيها عن فراره مع صاحب له من مغامرة لهما في بعض بلاد كنانة. وهو يبدؤها مباشرة بالحديث عن ذلك المازق الحرج الذي وجد نفسه فيه حين رأى القوم يطاردونه هو وصاحبه، وقد اقتربوا منهما حتى لم يعد بينهما وبينهم إلا أقل من رمية سهم، ثم يصور الفزع الذي انتابه فشل مقدرته على الرمي، وإن لم يشل تفكيره عن أن يحث صاحبه على العدو حتى ينجو معا:

لما رأيت القوم بالـ ... ـعلياء دون قدى المناصب

وفريت من فزع فلا ... أرمي ولا ودعت صاحب

يغرون صاحبهم بنا ... جهدا وأغري غير كاذب

أغري أبا وهب ليعـ ... ـجزهم ومدوا بالحلائب3

ثم يمضي في وصف تلك الجماعات التي تطاردهما، وسرعة عدو أحد مطارديه، ثم ينتقل إلى الاعتذار عن فراره بأنه خشي أن يقتل بسيوفهم فيصير طعاما للذئاب والضباع والثعالب والطير الجارحة:

وخشيت وقع ضريبة ... قد جربت كل التجارب

فأكون صيدهم بها ... وأصير للضبع السواغب

جزرا وللطير المربـ ... ـة والذئاب وللثعالب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015