كأن إرنانها إذا ردمت ... هزم بغاة في إثر ما فقدوا1
ولكنه في سمع عمرو ذي الكلب عجيج، كأنه حنين ناقة مسنة تسبقها إبل شابة فنية، فهي عاجزة عن مسايرتها وهي لهذا دائمة الحنين:
وفي الشمال سمحة من النشم ... صفراء من أقواس شيبان القدم
تعج في الكف إذ الرامي اعتزم ... ترنم الشارف في أخرى النعم2
وهو في سمع الشنفرى رنين وهتاف، ولكنه رنين حزين كصوت الشجي أثقلته شجونه وأحزانه:
وصفراء من نبع أبي ظهيرة ... ترن كإرنان الشجي وتهتف3
ولكن هذا الصوت الحزين الخافت ينقلب عندما تأخذ السهام في الانطلاق إلى صوت نشط مدو كأنه دوي نحل عائد إلى غاره، فهو ملتف حوله مطيف به، يبحث عن منقذ إلى داخله في نشاط ودوي:
إذا طال فيها النزاع تأبى بعجسها ... وترمي بذرويها بهن فتقذف
كأن حفيف النبل من فوق عجسها ... عوازت نحل أخطأ الغار مطنف4
يلاحظ أن القوس عند الرمي صوتين: صوتا عند بدء الرمي، وصوتا بعد الانتهاء منه، فانطلاق السهم يبدأ بصوت عال صارخ ثم ما إن ينطلق السهم حتى يهدأ رنين القوس، ويتحول إلى صوت ضعيف خافت نتيجة لاهتزازات وترها، فهما صوتان مختلفان، أما أولهما فهو عنده صياح، وأما الآخر فأنين كأنين الجريح: