وقال نصر بن سيار الذي قاد بني تميم يذكر إيقاعه ببكر، شامتا بهم، لأنهم لم يقتنعوا بمحالفة الأزد في موقعة البروقان فحسب، بل حالفوا أيضا عمرو بن مسلم الباهلي، وكانوا يرجون أن يحقق لهم النصر العظيم، فجروه وجروا أنفسهم إلى معركة خاسرة، متشفيا بخالد بن عبد الله القسري، لما آل إليه من الحبس على يد يوسف بن عمر الثقفي بالعراق، سنة عشرين ومائة1:

أرى العين لجت في ابتدار وما الذي ... يرد عليها بالدموع ابتدارها

وما أنا بالواني إذا الحرب شمرت ... تحرق في شطر الخميسين نارها

ولكنني ادعو لها خندف التي ... تطلع بالعبء الثقيل فقارها

وما حفظت بكر هنالك حلفها ... فصار عليها عار قيس وعارها

فإن تك بكر بالعراق تنزرت ... ففي أرض مرو علها واوزرارها2

وقد جربت يوم البروقان وقعة ... لخندف إذ حانت وآن بوارها

اتتني لقيس في بجيلة وقعة ... وقد كان قبل اليوم طال انتظارها

وفي ولاية أسد بن عبد الله القسري3 الأولى على خراسان أحس البكريون إحساسا قويا أنه تنكر لهم، وأبعدهم عن المراكز الهامة، وأنه مال للأزد ميلا شديدا، فقدمهم وخصهم بأرفع الوظائف، فتضجروا وتسخطوا، وجعل أبو البريد البكري ينطق في شعره عن تذمرهم وتبرمهم، ويلوم الأزد، ويأخذ عليهم أنهم تحللوا من الحلف المعقود بينهم وبين قومه في البصرة، على أن يكونوا متساوين متساندين، إذ يقول4:

إن تنقض الأزد حلفا كان أكده ... في سالف الدهر عباد ومسعود5

طور بواسطة نورين ميديا © 2015