وفي سنة ست وتسعين أراد الوليد بن عبد الملك أن يجعل ولاية العهد لابنه عبد العزيز، وأن يخلع أخاه سلمان عنها، فأيده الحجاج بن يوسف، وقتيبة بن مسلم1، فمات الوليد في السنة نفسها، واستخلف سليمان، فخافه قتيبة2، وتوقع منه غدرا وشرا، فغزا فرغانة، وهناك حث مقاتلة القبائل على رفض الانصياع له، فلم يؤيدوه في هذه المغامرة السياسية الخطيرة، واستغل رؤساء الأخماس من الأزد، وبكر، وتميم الموقف، وراحوا يخططون لخلعه، وكان الأزد هي التي بدأت بالكيد له، ثم اجتمع زعيمها بحلفائه من بكر، فصوبوا رأيه. لكنهم كانوا يعرفون أن تميما أضخم الأخماس وأقواها، وأنها إن لم تشترك معهم في المؤامرة، فإنها ستأخذ جانب قتيبة، وستنكل في النهاية بهم3. فمشوا إلى رئيسها وكيع بن أبي سود التميمي4، وكان ناقما على قتيبة، لأنه نحاه عن رئاسة بني تميم، ولم يحترمه حين استشفع عنده للأهاتم من بني قومه، فوافقهم، فأسندوا إليه قيادتهم، ثم وثبوا بقتيبة فقتلوه، فادعى شعراء كل قبيلة أن سادتها وفرسانها هم الذين اغتالوه جزاء وفاقا لتجبره عليهم. وظلمه لهم.

فهذا ثابت قطنة الأزدي، يصور حال قتيبة بفرغانة، وما آل إليه من المذلة قبل أن يقتل، وما انتهى إليه من مصير مروع فظيع، فقد قطعت رأسه، ولطخ الدم جبينه تلطيخا، بعد أن كان في حياته عاتيا متسلطا5:

ألم تر أن الباهلي بن مسلم ... بفرغانة القصوى بدار هوان

تمور أسابي الدماء بوجهه ... وقد كان صعبا دائم الخطران6

وهذا نهار بن توسعة يفتخر بأن قومه من بكر هم الذين سفكوا دمه، لأنه طغى وبغى. يقول:7

طور بواسطة نورين ميديا © 2015