لله در فتى تجاوز همه ... دون العراق مفاوزا وبحورا

ما زال يدأب نفسه ويكدها ... حتى تناول في خرون بحيرا

وفي سنة خمس وثمانين فصل الحجاج بن يوسف، أمير العراق، يزيد بن المهلب1 عن ولاية خراسان، وكلف بها أخاه المفضل، فجعل يستحث يزيد على السفر إلى العراق، فقال له: إن الحجاج لا يقرك بعدي، وإنما دعاه إلى توليتك مخافة أن أمتنع عليه. فظن المفضل أن أخاه حسده. فخرج يزيد عائدا إلى العراق، فاستغنى الحجاج عن المفضل، فقال أحد الشعراء هذه الأبيات للمفضل وأخيه عبد الملك، يتهمهما فيها بقصر النظر، مما جعل الحجاج يطرد المهالبة جميعا من خراسان2:

يا ابني بهلة إنما أخزاكم ... ربي غداة غدا الهمام الأزهر

أحفرتم لأخيكم فوقعتم ... في قعر مظلمة أخوها المعور3

جودوا بتوبة مخلصين فإنما ... يأبى ويأنف أن يتوب الأخسر

وكان يزيد بن المهلب استشار الحضين بن المنذر الرقاشي البكري4 قبل أن يرحل عن خراسان، فنهاه عن السفر، ونصحه أن يقيم ويعتل، وأن يكتب إلى عبد الملك بن مروان ليقره، فإنه حسن الرأي فيه. فلم يعمل يزيد بمشورته، وقال له: "إنما نحن أهل بيت بورك لنا في الطاعة، وأنا أكره الخلاف" فقال الحضين فيه هذين البيتين، شامتا به، وساخرا منه، وقد جرد من منصبه، وراجعته نفسه فيه5:

أمرتك أمرا حازما فعصيتني ... فأصبحت مسلوب الإمارة نادما

وما أنا بالباكي عليك صبابة ... وما أنا بالداعي لترجع سالما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015