وكنت لها حصنا وكهفا وجنة ... يؤول إلى كهلها ووليدها

فمالوا إلى السوءات ثم تعذروا ... وهل يفعل السوءات إلامريدها

فأوردت كرمانيها الموت عنوة ... كذاك منايا الناس يدنو بعيدها1

فتأزم الوضع بعد هلاك الكرماني تأزما شديدا، وحين رأى العرب أن أبا مسلم هو الذي استفاد من انقسامهم واقتتالهم، تعاقدت عامة قبائلهم على المسالمة. ليشتغلوا بمجاهدة أبي مسلم. فتحللت ربيعة من حلفها مع الأزد، ومالت إلى نصر ومضر، تأمينا في أغلب الظن لمنفعتها وتمكينا لمصيرها. وراح يحيى بن نعيم بن هبيرة البكري يتوسط بين شيبان بن سلمة الحروري، حليف الكرماني، وبين نصر، ووفق في وساطته، فقد تهادنا، كما سالم علي بن جديع الكرماني نصرا. غير أن أبا مسلم نجح في تحريض ابن الكرماني على نصر، بتذكيره بقتل نصر لأبيه، وتعييره بمسالمته له، وسكوته عن المطالبة بثأره منه، فعاد إلى مقاتلة نصر2، فتزلزت قوته، فانهزم إلى نيسابور، سنة ثلاثين ومائة، وخلصت مرو الشاهجان لأبي مسلم.

ويقال إن نصرا بعث قبل وفاته بمدينة ساوه بين الري وهمذان بكتاب إلى مروان بن محمد، ضمنه أبياتا من شعره أنبأه فيها بخروجه عن خراسان، بعد أن بذل كل ما استطاع للسيطرة على الأمر، وضبطه وإحكامه، وأخبره أيضا بقيام الدولة العباسية: وبخطرها الذي أصبح ينذر بسقوطه وزواله بين يوم وآخر. وفيها يقول له3:

إنا وما نكتم من أمرنا ... كالثور إذ قرب للناخع4

أو كالتي يحسبها أهلها ... عذراء بكرا وهي في التاسع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015