أبلغ ربيعة في مرو وإخواتها ... أن يغضبوا قبل أن لا ينفع الغضب
ما بالكم تلقحون الحرب بينكم ... كأن أهل الحجا عن فعلكم غيب1
وتتركون عدوا قد أظلكم ... فيمن تأشب لا دين ولا حسب
ليسوا إلى عرب منا فنعرفهم ... ولا صميم الموالي إن هم نسبوا2
قوم يدينون دينا ما سمعت به ... عن الرسول ولا جاءت به الكتب
فمن يكن سائلي عن أصل دينهم ... فإن دينهم أن تقتل العرب
فلم تكترث ربيعة لدعايته، ولم تبال بندائه، بل استمرت تدعم الأزد، وتشدد الكرماني في مخالفته لنصر، واحتياله للانتصار عليه، بتردده على معسكر أبي مسلم، وتواطئه معه، فخاف نصر أن ينحاز الكرماني بمن معه من الربعية واليمنية إلى أبي مسلم، فتكون نهايته، فلجأ إلى موادعته ومصالحته، ليفرق بينه وبين أبي مسلم، وبدءا يتفاوضان، فلما آنس نصر منه غفلة دس إليه ابن الحارث بن سريج في طائفة من الفرسان فقتله. وقد تباينت الآراء في مقتله. فمن قائل: إنه كان بإيعاز من نصر3، ومن قائل: إنه لم يكن له علم به4. ولكن نصرا يعترف في شعره بأنه دبر مقتله، ويصرح بأنه لم يرض عن مؤازرة ربيعة له، وانسلاخها عن الأزد، بعد أن استفحل الخطر المطبق عليه، واهتز موقفه، لأنها ناهضته في أول الأمر، وأعانت الكرماني، عن إصرار، يدفعها إلى ذلك منافستها للمضريين، وسعيها للاستيلاء على السلطة منهم، ورغبتها في قهرهم وتحطيمهم، إذ يقول5:
لعمري لقد كانت ربيعة ظاهرت ... عدوي بغدر حين خابت جدودها6
وقد غمزت منا قناة صليبة ... شديدا على من رامها الكسر عودها