فلا رب ولا عالمون مربوبون، إذ ليس إلا أعيان ثابتة ووجودها قائم بها، فلا الأعيان مربوبة ولا الوجود مربوب، ولا الأعيان مخلوقة، ولا الوجود مخلوق، وهو يفرق بين المظاهر والظاهر والمجلي والمتجلي، لأن المظاهر عنده هي الأعيان الثابتة في العدم، وأما الظاهر فهو وجود الخلق.
وقد أبطل شيخ الإسلام هذا الأصل بقوله: هذه الأعيان المعدومة الثابتة في العدم هل خلقها الله وجعلها موجودة بعد أن كانت معدومة؟ أم لم يخلقها فلا تزال معدومة؟
فإن كان الأول: امتنع أن تكون هي إياه، لأن الله لم يكن معدومًا فيوجد.
وإن كان الثاني: وجب أن لا يكون شيء لم يكن موجودًا وهذا تبطله المشاهدة والعقل والشرع، ولا يقوله عاقل، ولا يقبله عقل.
وأما قولهم: ظهر الحق وتجلى، وهذه مظاهر الحق ومجاليه، وهذا مظهر إلهي ومجلي إلهي، فقال شيخ الإسلام: أتعني به أن عين ذاته حصلت هناك؟ أو تعني أنه صار ظاهرًا متجليًا لها بحيث تعلمه؟ أو تعني أنه ظهر لخلقه بها وتجلى بها؟
فإن عنيت الأول: فهو باطل، فقد صرحت بأن عين المخلوقات ـ حتى النجاسة منها ـ هي ذات الله أو هي وذات الله متحدتان، أو ذات الله حالة فيها، وهذا الكفر أعظم من كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، وأن الله ثالث ثلاثة، وأن الله يلد ويولد، وأن له بنين وبنات.
وإن عنيت أنه صار ظاهرًا متجليًا لها، فهذا حقيقة أمر صار معلومًا لها، ولا ريب أن الله يصير معروفًا لعبده لكن كلامك في هذا باطل من وجهين: