وهذه شبهة واهية، لأن علم الله الشيء لا يستلزم ثبوته في العدم، فالإنسان يعلم الموجود والمعدوم الممكن والمعدوم المستيحل ... فهذه أمور نتصورها نوع تصور، ولا يكون لها ثبوت في الخارج، فثبوت الشيء في العلم والتقدير ليس ثبوتًا لعينه في الخارج ... والذي عليه أهل السنة والجماعة وعامة عقلاء بني آدم من جميع الأصناف، أن المعدوم ليس في نفسه شيئًا، وأن ثبوته ووجوده وحصوله شيء واحد.

وأما الأصل الثاني: وهو قولهم: إن وجود الأعيان نفس وجود الحق وعينه، فقد ذكر شيخ الإسلام: أن هذا الأصل انفردا به عن جميع مثبتة الصانع من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس والمشركين، وأن هذا هو حقيقة قول فرعون والقرامطة المنكرين لوجود الصانع.

فمن فهم هذا فهم جميع كلام ابن عربي نظمه ونثره وما يدعيه من أن الحق يغتذي بالخلق، لأن وجود الأعيان معتمد بالأعيان الثابتة في العدم، ولهذا يقول بالجمع من حيث الوجود، وبالفرق من حيث الماهية والأعيان، ويزعم أن هذا هو سر القدر، لأن الماهيات لا تقبل إلا ما هو ثابت لها في العدم في أنفسها فهي التي أحسنت وأساءت، وحمدت وذمت، والحق لم يعطها شيئًا إلا ما كانت عليه في حال العدم.

فكلامه تضمن شيئين:

إنكار وجود الحق.

وإنكار خلقه لمخلوقاته.

فهو منكر للرب الذي خلق فلا يقر برب ولا بخلق، ومنكر لرب العالمين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015