1 - إنك جعلته معلومًا للمعدومات التي لا وجود لها لكونه قد علمها، واعتقدت أنها إذا كانت معلومة يجوز أن تصير عالمة، وهذا عين الباطل.
2 - إنه إذا علم أن الشيء سيكون، لم يجز أن يكون هذا قبل وجوده عالمًا قادرًا فاعلاً، وأن هذا ليس حكم جميع الكائنات المعلومة، بل بعضها هو الذي يصبح منه العلم.
وأما إن قلت: إن الله يعلم بها لكونها آيات دالة عليها، فهذا حق، لكنك لم تقل هذا الوجهين:
1 - إنها لا تصير آيات إلا بعد أن يخلقها ويجعلها موجودة، لا في حال كونها معدومة معلومة، وأنت لم تثبت أنه خلقها ولا جعلها موجودة، ولا أنه أعطي شيئًا خلقه، بل جعلت نفسه هو هي المتجلية لها.
2 - إنك قد صرحت بأنه تجلى لها وظهر لها، لا أنه دل بها خلقه وجعلها آيات تكون تبصرة، والله قد أخبر في كتابه أنه يجعل في هذه المصنوعات آيات ..
وإذا كان عندهم أن المرئي بالعين هو الله، فهذا كفر صريح باتفاق المسلمين، ولا سيما إذا قيل: ظهر فيها وتجلى، فإن اللفظ يصير مشتركًا بين أن تكون ذاته فيها أو تكون قد صارت بمنزلة المرآة التي يظهر فيها مثال المرئي، وكلاهما باطل، فإن ذات الله ليس في المخلوقات، ولا نفس ذاته ترى في المخلوقات كما يرى المرئي في المرآة.
ولكن ظهورها: دلالتها عليه شهادتها له، وأنها آيات له على نفسه وصفاته سبحانه وتعالى).