وأما ما تمسك به أولئك الخارجون عن الحق بتقدم الصناعات على تقدم الديانات فلا شك أن هذا في الواقع قياس فاسد واستدلال باطل، وقياس مع الفارق؛ لعدة أمور:

أولاً: أن الصناعات من الأشياء المادية، والأديان من الأشياء المعنوية، فكيف يقاس معنوي غير محسوس على شيء مادي محسوس؟ ! فهو كمن يقيس الهواء على الماء.

ثانياً: أن الصناعات تقوم على التجربة والملاحظة، وتظهر النتائج بعد استكمال مقوماتها، بخلاف الدين الذي لا يقوم على ذلك ولا تظهر نتائجه في هذه الحياة الدنيا.

ثالثاً: يلزم من هذا القياس شيئان:

1 - أن يكون الإنسان في هذا الزمن صادق التدين خالص التوحيد، لأن الصناعة قد بلغت مبلغًا عاليًا من التطور، والواقع خلاف ذلك، فإن الإنسان في العصر الحاضر أحط ما يكون من الناحية الدينية؛ إذ الإلحاد متفش في أكثر بقاع العالم.

2 - كما يلزم منه ألاّ يوجد شرك في هذا الزمن، والواقع خلاف ذلك؛ حيث إن الشرك متفش في الشرق والغرب.

وأما ما تمسكوا به ـ على قولهم الباطل ـ بالحفريات ومخلقات الأمم السابقة، فيقال عنه:

أولاً: إن هذه الحفريات ناقصة، فلا دلالة فيها على ما ذكروا سوى التخمين ومحاولة الربط بين أمور متباعدة، وغاية ما تدل عليه الحفريات والآثار: إن الأمم السابقة وقعت في الشرك، وهذا لا ننكره نحن، بل القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015