والسنة نصا على ذلك وبيناه، وأما عبادة الإنسان الأول وعقيدته فلا يمكن معرفتها من خلال الآثار حتى يعثروا على الإنسان الأول ويجدوا آثارًا تدل على عقيدته وعبادته.
ثانياً: من المؤكد أن الأمم تتقلب في عبادتها فتنتقل من التوحيد إلى الشرك، ومن الشرك إلى التوحيد، فمعرفة عبادة أمة من الأمم لا يعني أنها لم تعرف سوى هذه العبادة، بل يعني ذلك أنها كانت على هذه العبادة في تلك الفترة فقط.
ثالثًا: أن الحفريات ومخلفات الأمم السابقة كما استدل به بعضهم على القول بالشرك في الأمم هكذا استدل به فريق آخر على توحيد بعض الأمم، فقد قال به فريق من العلماء أمثال (لانج وشريدر، وفريزر، وشميدث، وبتاتزوني، وفوكارت)، وغيرهم، فقد توصلوا من خلال أبحاثهم التي قاموا بها إلى أن الأصل هوالتوحيد وليس الشرك، وسموا نظريتهم (نظرية فطرية التوحيد وأصالته)، وقد انتصر لهذه النظرية فريق كبير من العلماء، وأيدوها بما توصلوا إليه من اكتشافات وحفريات قديمة تدل على أن هناك أممًا عريقة في القدم لم تعرف تعدد الآلهة، وكانت تؤمن بالإله الواحد، وبنوا على هذه الحفريات والكتابات المكتشفة نظريتهم القائلة بأن عقيدة الوحدانية هي أقدم ديانة عرفها البشر، وأن التعدد والوثنية طارئة ومتطفلة على عقيدة التوحيد.
وبهذا يظهر جليًا واضحًا فساد هذه الأقوال المنحرفة عن الحق، وأن ما استدلوا به ليس إلا تخرصات وتوهمات لا تقوم على وجه الحق الواضح البين