وعلى نصب حجرية كبيرة أقيم بعضها في رحاب المعابد والدواوين، وأقيم بعضها على حدود القطر وعلى حدود الأملاك الخارجية. ولم يكتفوا بالكتابة التاريخية وحدها على هذه وتلك، وإنما جعلوا مما سجلوه عليها معرضا للتاريخ المصور أيضًا.

وساهمت النصوص والمناظر الفردية لكبار الموظفين والأدباء في التعبير عما اشترك أصحابها فيه من أعمال عامة وحروب وبعثات ومنشآت، وما ولوه من مناصب. اصطبغت بعض تسجيلاتهم الفردية هذه بصبغة تقليدية ردت الأمر كله فيها إلى إيحاءات الملوك ووصفتهم بما كانوا يستحبون أن يوصفوا به دائمًا من قداسة وعدل وقوة بأس، ولو لم يكن لبعضهم نصيب من ذلك كله بينما اصطبغ بعضها الآخر بنصيب أكبر من الواقعية، فصورت نصوصها الأحداث قريبة مما جرت به فعلا. بغير تضخيم كبير ولا تنميق كثير، وردت بعض الفضل فيها إلى أصحابها الفعليين.

وتكتمل صورة المصادر المصرية القديمة عن العصور التاريخية الطويلة بما كتبه عنها المؤرخ المصري مانيتون السمنودي الذي عاش في القرن الثالث ق. م. وحاول أن يؤرخ به للحياة الاجتماعية والحياة السياسية معا، منذ أقدم العصور حتى أيامه، فنجح حينا واشتط أحيانًا. أما المصادر غير المصرية فمنها ما روته الكتب السماوية من إشارات قصيرة عن مصر ومن عايشها من الأنبياء. وعبارات متفرقة عن مصر أيضًا تضمنتها بعض نصوص حكام البلاد الشرقية القديمة ورسائلهم إلى الفراعنة مثل رسائل العمارنة. هناك أخيرا كتابات الرحالة والمؤرخين الإغريق والرومان الذين زاروا مصر وكتبوا عنها منذ أواخر القرن السادس ق. م. على أقل تقدير، من أمثال هيكاتيوس الميليتي، وهيرودوت الهاليكارناسي، وهيكاتيوس الأبديري، وديودور الصقلي، وأسترابون البونتي، وبلينوس الجغرافي، وبلوتارخ الخايروني. فضلًا عمن أقاموا منهم في مصر والإسكندرية بخاصة وأصبحوا مواطنين فيها وكتبوا عن تاريخها وأحوال مجتمعها من أمثال إراتوستينوس، وأبوللودوروس، وهورابوللو، ويوسيفوس، ويوليوس أفريكانوس، ويوسيبيوس، وجيوجرجيوس، وغيرهم. واختلف نصيب كل مؤرخ وجغرافي ورحالة من هؤلاء وهؤلاء عن زميله في مدى تحريه الأمانة فيما رواه عن مصر، ومدى معرفته الصحيحة بتاريخها، ومدى إقامته بها، ومدى فهمه لتقاليد أهلها. بل إن ما كتبه كل منهم جمع في طياته بين المنطق وبين الخرافة، وبين الصدق حينا والافتراء حينا آخر، وبين أدلة الذكاء وقرائن الغفلة، وبين صور المدح وصور الذم في آن واحد. وكل ذلك مما يحول دون الحكم على أحدهم بحكم عام، أو الحكم على كفاياتهم كلها بحكم شامل، سواء فيما يختص بكتاباتهم عن العصور القديمة التي سبقتهم والتي جمعوا أغلب أخبارها البعيدة من أفواه الرواة أو الأدلاء والكهان ومن منطوق الأساطير، أم فيما يختص برواياتهم عن العصور المتأخرة التي زاروا مصر إبانها ووصفوا ما رأوه فيها رأي العين، فأصابوا في وصفه أحيانًا، وخدعوا عنه أو أخطئوا تصويره أحيانًا أخرى.

ووضحت لحركة وصف الآثار المصرية الظاهرة في العصر الحديث مرحلتان، مرحلة تكفل بها العلماء الفرنسيون الذين صحبوا نابليون إلى مصر، ونشروا نتائجها بن أعوام 1809 - 1813 ضمن مجلداتهم الضخمة عن وصف مصر " عز وجلescription عز وجلe L' صلى الله عليه وسلمgypte"، ومرحلة أخرى تكفلت بها بعثات أجنبية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015