أراد الحكيم الأديب آني، من أهل القرن السادس عشر ق. م1، أن يرشد ولده إلى مقومات السعادة في الأسرة، فقال له: "تخير زوجتك حين الصبا وأرشدها كيف تصبح إنسانة، وعساها تنجب لك طفلًا، فإنها إذا أنجبته لك وأنت شاب استطعت أن تربيه وتجعله رجلًا، وطوبى للرجل إذا أصبح كثير الأهل وأصبح يرتجى من أجل أبنائه".
ثم قال له: "لا تقس على زوجتك في دارها إن أدركت صلاحها، ولا تسألها عن شيء أين موضعه إذا تخيرت له وضعه الملائم. افتح عينيك وأنت صامت تدرك فضائلها، وإن شئت أن تسعد فاجعل يدك معها وعاونها. يجهل كثير من الناس كيف يمنع الإنسان أسباب الشقاق في داره، وقد لا يجد أحدهم مبررًا للنزاع فيعمل على خلقه، بينما يستطيع كل إنسان أن يوفر الاستقرار في داره إذا تحكم سريعًا في نزعات نفسه. ولكن احذر أن تمشي في طاعة أنثى، أو تسمح لها بأن تسيطر لها بأن تسيطر على رأيك".
وكما أوصاه بزوجته أوصاه أكثر بأمه، قائلًا له: "ضاعف الخبز لأمك، واحملها إن استطعت كما حملتك، فطالما تحملت عبثك ولم تتركه على ... ، ومنذ ولدت بعد أشهرك أسلمت ثدييها لفمك خلال ثلاث سنين، متحملة قاذوراتك دون أنفة قائلة: ما الذي أفعله. وحينما ألحقت بالمدرسة وعلمت الكتابة فيها ظلت تواظب دوني "على الذهاب إليك" يوميًّا بالخبز والشراب من دارها. فإذا شببت واتخذت زوجة واستقررت في دارك ضع نصب عينيك كيف ولدتك أمك وكيف كانت تربيتك كلها".
وقال له وهو يعظه بألا يتجاوز حد القناعة في طعامه وشرابه: "لا تجبر نفسك على أن تشرب زق جعة، فإنك إذا شربته عجزت عن البيان وتكلمت لغوًا لا تدرك معناه ... ، وإذا التمسك رجل ليسائلك وجدك ملقى على الأرض أشبه بطفل غرير". ثم أراد أن يصرفه عن نهم الطعام إلى لذة الإحسان، فقال له "لا تأكل طعامًا وغيرك واقف دون أن تحث الخطى إليه وتمد يدك بالطعام إليه، ولسوف يعرف لك ذلك إلى أبد الآبدين".
وقال يوصي ولده بصراحة الحديث: "إياك ألا تقاوم الالتواء في داخلية نفسك". ثم دعاه إلى التبصر حين الخطاب وحين الجواب قائلًا: "إن جوف الإنسان أوسع من شونتي الغلال الملكيتين، يتسع لكل جواب، فتخير خير الحديث وتكلم صوابًا، واحتفظ بسيئه في جوفك". وكان من طريف تأديبه له بآداب الدعاء قوله: "ادع بقلب محب ولا تجهر بصوتك، يستجب الإله لدعائك ويسمع ما تقول ويتقبل قربانك".