عزوجل يكره في المحال المستقذرة ومنها الجماع وهذا قول ابن سيرين والنخعي وهو الأرجح إذاً الصواب أن قوله (يكره كلامه فيه) أن الصحيح لا يكره سواء كان بذكر الله عزوجل أو بغيره، (وبوله في شق ونحوه) (وبوله) أي بول قاضي الحاجة (في شَق) بفتح الشين وهو واحد الشقوق وهو الثقب والخرم الواقع بالشيء الصدع والموضع المشقوق (وبوله في شق) يعني مكروه وهذا محل وفاق كما قال في الإنصاف (بلا خلاف أعلمه) وهو مذهب الأئمة الأربعة حكى النووي الإجماع عليه (ونحوه) كسَرَب وهو ما يتخذه الدبيب والهوام بيتاً في الأرض والدليل على ذلك حديث قتادة (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الجحر قال قتادة يقال أنها مساكن الجن) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم بأسانيد صحيحة كأن الحديث فيه شيء من الكلام على كل القواعد العامة لا ضرر ولا ضرار إذا كان علم أن هذه الشقوق قد يخرج عليه ما يؤذيه حينئذٍ يمتنع منه لماذا؟ لأن القاعدة العامة لا ضر ولا ضرار والضرر يزال فكل ما يؤدي إلى الضرر حينئذٍ نرجع إلى هذه القاعدة سواء جاء نص واضح بين صريح أو لا، (ومس فرجه بيمينه واستنجاؤه واستجماره بها) يعني من الأمور المكروهة (مس فرجه) المس مكروه والمس إنما يكون مساً إذا باشره بيده يعني مباشرة البشرة بالبشرة فإذا كان ثَمَّ حال بينهما لا يعبر عنه بأنه مس في اللغة لابد أن يمس مباشرة فإذا وضع يده على ذكره بينهما ثوب أو نحوه لا يعبر عنه بأنه ماس لفرجه (ومس فرجه) يعني كلا الفرجين سواء كان قبلاً أو دبراً وهو مفرد مضاف فيعم وهو يطلق على القبل والدبر (بيمينه) في كل حال أطلق المصنف هنا (ومس فرجه بيمينه) لم يقل وهو يبول وإنما أطلق إذاً سواء كان بائلاً أو لم يكن بائلاً مطلقاً لا يمس فرجه القبل أو الدبر إلا بيسراه وأما اليمنى فيكره إذاً قوله (بيمينه) ولم يقيد المس هنا بحال البول دل على أن مراد المصنف في كل حال سواء كان حال البول وغيره وهو في جميع الحالات ما الدليل؟ قالوا الدليل حديث أبي قتادة عنه صلى الله عليه وسلم (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول) ما وجه الاستدلال؟ (لا يمسكن) هذا نهي والنهي في الأصل أنه يقتضي التحريم ما الصارف له؟ قال لكونه أدب من الآداب لأنه متعلق بأدب وإذا تعلق النهي بأدب جعلت هذه علة صارفة من التحريم إلى الكراهة والشأن كذلك في الأوامر إذا كان الأمر في الآداب جعل كونه أدباً قرينة صارفة للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب وهذه قاعدة فاسدة ليست بصحيحة لماذا؟ لأن القرينة دليل صارف وإذا كان كذلك حينئذٍ لابد أن يكون دليلاً شرعياً فلا يصرف الأمر من الوجوب إلى الندب إلا دليل شرعي ولا يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة إلا دليل شرعي إما نص قرآني أو نص نبوي أو إجماع أو قياس صحيح وأما مجرد كونه أدب علة نقول هذا علة عليلة لماذا؟ لأن ما دل على أن افعل دال على الوجوب عند الإطلاق عام فإذا كان كذلك فلا يخص إلا بدليل شرعي وكل دليل دل على أن لا تفعل للتحريم هذا عام بمعنى أنه عام في الآداب وغيرها فدخلت فيها الآداب كما دخلت في الأوامر فتخصيص الآداب بكونها للكراهة وما عداه للتحريم هذا تخصيص بغير مخصص حينئذٍ يكون اجتهاداً في