إلا هذه العلة وهو كونه قاضي حاجة ويكره له الكلام ولو برد السلام؛ لكن نقول هذا الاستدلال فيه ضعف لماذا؟ لأن السبب جاء مبيناً في رواية أخرى فعن المهاد بن قنفذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلام عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال: (إني كرهت أن أذكر الله عزوجل إلا على طهر أو قال على طهارة) والكراهة هنا ليست كراهة شرعية وإنما هي كراهة نفسية فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر الله تعالى على غير طهارة وهنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الرد مطلقاً وإنما أخره ولذلك قال (إنما منعني أن أرد عليك السلام) إذاً لم يكن عدم رد النبي صلى الله عليه وسلم دليل على عدم جواز الكلام أو كراهة الكلام حال قضاء الحاجة بل النبي صلى الله عليه وسلم اعتذر بكونه كان على غير طهر فلو كانت العلة كونه يبول لقال كنت أبول وإنما قال (إني كرهت أن أذكر الله على غير طهارة) حينئذٍ كيف نجعل العلة بغير العلة التي علل بها النبي صلى الله عليه وسلم الحكم، إذاً (ويكره كلامه فيه) لهذين النصين فإذا لم يثبت الأول من جهة السند بطل الحكم وإذا ثبت الثاني وهو حديث مسلم من جهة السند لا يسلم لهم الاستدلال به ولذلك نقول الصحيح هو عدم الكراهة مطلقاً لعم النص لا تقل هذا الأمر مكروه إلا إذا دل الدليل وهنا الدليلان كما رأيت لا يصلح الاستدلال بهما على الحكم فإذا سقطا من حيث الأصل الثبوت أو من حيث الاستدلال حينئذٍ نرجع إلى الأصل وهو جواز الكلام في الخلاء ولذلك يقول القول الآخر لا يكره ذكر الله عزوجل داخل الخلاء فإذا عطس حينئذٍ فيحمد الله تعلى بلفظه الحمد لله هكذا ويجهر به وحرج في ذلك ما الذي يمنعه والنص عام جاء عاماً سواء كان لقاضي الحاجة أو غيره وليجب كذلك المؤذن وهو قول مالك ذكر الحافظ في الفتح أن مالك يرى جواز ذكر الله تعالى في الخلاء ورجحه القرطبي في تفسيره والأدلة على ذلك كثيرة عمومات القرآن بذكر الله تعالى والأمر به مطلقاً سواء كان على طهارة أو لم يكن سواء كان في بيت الخلاء أو لم يكن فهي عامة تخصيصها يحتاج إلى مخصص ولذلك جاء حديث عائشة رضي الله تعالى عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) كل أحيانه يعني أوقاته وثَمَّ أوقاته يكون قاضياً للحاجة ولم يأتي ما يخصص هذا اللفظ ونبقى على الأصل فالأصل جواز الذكر ولا يوجد نص واضح في النهي عن ذكر الله مع القواعد والأصول العامة وقد شرع الله لنا ذكره في كل حال فقال (واذكروا الله كثيراً) وكذلك حذر من نسيان ذكره فلا نترك هذه النصوص إلا لنص صريح فإن قيل ترك الذكر من باب التكريم والتعظيم يعني نصون ذكر الله عزوجل من هذه المواضع نقول ذكر الله هو التعظيم وليس ترك ذكر هو التعظيم فالعكس هو الصحيح ولذلك ترجم البخاري باباً قال: (باب التسمية على كل حال وعند الوقاع) ثم أورد حديث ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم (لو أن أحدهم إذا أراد أهل قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) الحديث قال الحافظ فيه إشارة إلى تضعيف ما ورد من كراهية ذكر الله في حالي الخلاء والوقاع؛ يعني أشار البخاري بهذه الترجمة إلى تضعيف القول بأن ذكر الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015