لأن الشارع أطلق عليه بأنه أذى (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) إذاً متى ما وجد الأذى تعلقت به الأحكام الشرعية وهذا هو علة الحكم يعني كونه أذى ترتبت عليه الأحكام الشرعية وهو قوله (فاعتزلوا النساء) وكذلك ترك الصلاة والصيام ونحوها - حينئذٍ - الحكم يدور مع علته متى ما وجد الأذى تعلقت به الأحكام متى ما انتفى انتفت الأحكام؛ هل بين الشارع أن أقل سن يصدق على الخارج أنه أذى أم لم يرد؟ لا شك أنه الثاني وإنما نظر الفقهاء كل بحسبه سواء كان أبا حنيفة أو مالكاً أو الشافعي أو أحمد كل نظر باعتبار الوجود ولذلك أكثر ما يحتجون به ليس من نصوص الشريعة وإن كان بعضهم يستند إلى بعض الأقوال عن عائشة أو علي أو غير ذلك لكن المعتمد أكثر عندهم هو الوجود يعني نظر فلان من الناس بأن من حوله كلهن قد حاضت لتمام تسع سنين إذاً قال هذا الذي يعلق به الحكم وجد أن من حوله من كبار السن خمسين سنة وتوقف الحيض قال هذا هو الحكم، إذا الوجود بمعنى الواقع وهذا الوجود يسمى استقراء عند أهل العلم ولا شك أن الاستقراء تتعلق به الأحكام لا شك أنه تتعلق به الأحكام لكن الاستقراء التام يعني هذا الفقيه الذي حكم بكون أقل سن تحيض له المرأة تمام تسع سنين إن استقرأ بنات العالم كله - حينئذٍ - يسلم له وأما إذا كان من كان حوله فقط نقول هذا استقراء ناقص والاستقراء الناقص لا يصلح أن يكون مستنداً لإثبات حكم شرعي وإنما يكون الاستقراء التام وكل ما ذكر في كتب أهل العلم من الوجود المراد به الاستقراء الناقص وعليه لا يبنى عليه حكم ألبته، ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى [لا حد لأقل سن تحيض فيه] ليس له أقل سن وهذا هو الصحيح؛ لماذا؟ لأن الشارع حكم بكون المرأة تبلغ بوجود الدم ولم يحدد له سناً معيناً - حينئذٍ - متى ما رأته حكمنا عليه بأنه دم حيض ولو بنت خمس سنين ست سنين حكم عليه بأنه دم حيض لأنه أذى ويصدق عليه ما علق الله عزوجل عليه هذا الوصف ترتبت الأحكام الشرعية [لا حد لأقل سن تحيض فيه المرأة ولا لأكثره فمتى رأت الأنثى الحيض فهي حائض وإن كانت دون تسع سنين أو فوق خمسين ولذلك لأن أحكام الحيض علقها الله سبحانه وتعالى على وجوده] يعني وجوده هو بعينه في المحل (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) إذاً متى ما خرج الأذى من المحيض الذي هو محل الخروج الذي هو الرحم - حينئذٍ - حكمنا بوجود الأحكام الشرعية [لأن أحكام الحيض علقها الله سبحانه على وجوده ولم يحدد الله سبحانه ولا رسوله سن معيناً فوجب الرجوع فيه إلى الوجود الذي علق عليه الأحكام وتحديده بسن معين يحتاج إلى دليل من الكتاب أو السنة ولا دليل في ذلك] ولذلك لو اعتمد الباب على هذه الترجيحات لصار الباب من أسهل الأبواب ولكن لما أردوا أن يجعلوا حداً لأقل سن - حينئذٍ - لا بد من نظر في الوجود ولا بد من نظر فيما ورد عن الصحابة إلى غير ذلك وكل ما ورد إنما يتكلم عمن حوله فحسب وهذا لا تثبت به الأحكام الشرعية والصحيح ما رآه شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أن العبرة بوجود الدم متى ما رأته الأنثى حكمنا عليه بأنه دم حيض فهي حائض فوجبت عليها الصلاة والصيام ونحو