بول لآدمي أو عذرته المائعة في ماء كثير حينئذٍ لا نظر لكونه تغير أو لا وإنما نقول هل يشق نزحه أو لا؟ إن شق نزحه فطهور باقي على أصله أو طاهر وإن لم يشق نزحه حكمنا عليه بأنه نجس لماذا؟ بمجرد ملاقاة النجاسة وهي البول أو العذرة للماء الكثير ولم يشق نزحه حكمنا عليه مباشرة بكونه نجساً ولذلك قال المصنف (فخالطته نجاسة غير) هذا استثناء بالنصب (غيرَ بول آدمي) آدمي استثنى من البهيمة (أو) هذه للتنويع (عذرته) قيدها بكونه (المائعة) يعني الذائبة أو في حكمها الجامدة إذا ذابت في الماء ما حكمه؟ هذا ذكره بقوله (أو يشق) (أو خالطه البول أو العذرة) هذا نطق بما يفهم من السابق بقوله (غير بول آدمي أو عذرته) يفهم من هذا الاستثناء أن لهما حكماً ما غاير لما ذكر وهو الذي نص عليه بهذا القول (أو خالطه) الماء الطهور أو الطاهر (البول) والمراد به بول الآدمي لأنه قيده فيما سبق وهنا أطلق فيشمل القليل والكثير يعني دون تفصيل ولو قطرة واحدة (أو العذرة) من الآدمي كذلك احترازاً عن البهيمة ونحوها حينئذٍ النظر لا يكون إلى التغير بل إلى شيء آخر وهو ما قصده بقوله (ويشق نزحه) (ويشق) المشقة هي العسر ولها مفهوم بمعنى إن لم يشق حينئذٍ يحكم عليه بكونه نجساً (ويشق نزحه) يعني لكثرته والنزح هو أن يأخذ الماء الذي خالطه بالبول أو العذرة ليتجدد بعده ماء خال منهما بمعنى أنه يأخذ من الماء ماء كثير من أجل أن يتجدد الماء هذا يكون فيما يتوارد عليه الماء (ويشق نزحه كمصانع طريق مكة) كمصانع هذا مثال لما شق نزحه (كمصانع طريق مكة) مصانع جمع مصنع والمراد بها الأحواض التي يجتمع فيها ماء المطر واحدها مصنع والمراد بالمصانع المصانع الكبار التي تكون مورداً للحجاج أشبه بالبرك التي تكون مورداً للحاج إذا مر بها حينئذٍ يتوضأ ويغتسل ويشرب منها وقد تكون مجتمع للسيول ونحوها لكن يشترط في هذا ما لم تتغير فإن تغير حينئذٍ رجعنا إلى الأصل وهو أن الإجماع منعقد على أن كل ماء وقعت فيه نجاسة وظهر أثر النجاسة في الماء حينئذٍ حكمنا على الماء بكونه نجساً مطلقاً سواء كان الماء كثيراً أو قليلاً سواء كانت النجاسة بولاً لآدمي أو عذرته المائعة أو الجامدة إذا ذابت فيه أو غير ما ذكر نحكم على الماء بكونه نجساً إذاً كل ماء تغير بالنجاسة حكمنا عليه بكونه نجساً الكلام فيما إذا وقعت فيه نجاسة وكان كثيراً ولم يتغير ننظر في النجاسة على كلام المصنف إن كان بولاً أو غائطاً فالعبرة حينئذٍ بمشقة النزح فما شق نزحه فهو طهور وما لم يشق نزحه فهو نجس فإن لم تكن النجاسة بولاً أو عذرة حينئذٍ رجعنا إلى التغير فإن تغير فهو نجس وإن لا فهو طهور أو طاهر والمسألة هذه التي هي خاصة ببول الآدمي أو عذرته هي المذهب عند أكثر المتقدمين والمتوسطين وهذه الرواية من روايات الإمام أحمد من أشهر وأكثر الروايات عنه التفصيل بما ذكر ولكن المذهب عند المتأخرين وهي رواية أخرى عن الإمام أحمد وإن لم تكن أشهر من الأول إلا أنه لا فرق بين النجاسات حينئذٍ نقول الفتوى على ما قرره المتأخرون فيكون المصنف قد خالف المذهب في هذه المسألة بكونه فرق بين النجاسات في هذا الموضع والمذهب عند المتأخرين هو التسوية