يعني مازجته (نجاسة) وعرفنا النجاسة وهي عين مستقذرة شرعاً سواء كانت هذه النجاسة قليلة أو كثيرة (فلم تغيره) نترك الاستثناء (فلم تغيره) طهوراً بالإجماع إذا وقعت نجاسة وخالطت الماء الكثير فلم يتأثر الماء إحدى صفاته بهذه النجاسة نحكم على الماء بأنه طهور إذاً هذا نوع من أنواع الماء الطهور وهو ماء كثير وقعت فيه نجاسة فلم تغيره حكمنا عليه بكونه طهوراً وهذا محل إجماع بين أهل العلم لحديث ابن عمر مرفوعاً وهو حديث صحيح قوله صلى الله عليه وسلم (إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء) وفي رواية (لم يحمل الخبث) هذا الحديث رواه أحمد وغيره قال الحاكم على شرط الشيخين وصححه الطحاوي وهو حديث كثر الكلام فيه عند الفقهاء ولكن المشهور حديث صحيح ثابت قال بعضهم بأنه موقوف على ابن عمر إن صح عن ابن عمر موقوفاً إذا كان كذلك فله حكم الرفع لو سلم بأنه موقوف فله حكم الرفع لأن هذا شيء لا يقال من قبل الرأي وإنما يكون من قبل الوقوف على قول النبي صلى الله عليه وسلم لذا قال الخطابي في معارج السنن (وكفى شاهداً على صحته أن نجوم الأرض من أهل الحديث قد صححوه وقالوا به وهم القدوة وعليهم المعول في هذا الباب) إذاً ثبت الحديث وله منطوق ومفهوم ومنطوقه أن الماء إذا بلغ إلى هذا الحد وهو القلتان والتحديد هنا يدل على أن ثَمَّ فرقاً بين القلتين وما دون القلتين حينئذٍ إذا بلغ ووصل الماء إلى هذا الحد ووقعت فيه نجاسة فلم تغيره قال (لم ينجسه شيء) بل هو باقي على أصله وقولنا باقي على أصله بمعنى أنه باقي على أصله إن كان طهوراً فهو طهوراً وإن كان طاهراً فهو طاهر بمعنى أن النجاسة قد تقع في ماء طهور ولم تغيره وهو كثير نحكم على الماء بأنه طهور بقاء على الأصل استصحاب الأصل، وقد تقع النجاسة في ماء بلغ قلتين وهو طاهر حينئذٍ لم تغيره يبقى على الأصل وهو أنه طاهر فليس الحكم خاصاً بالطهور دون الطاهر بل يشمل النوعين فنحكم بكونه طهوراً وبكونه طاهراً باعتبار الأصل (إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء) فتحديده بالقلتين يدل على أن ثَمَّ فرق بين القلتين وما دون القلتين قوله (لم ينجسه شيء) هذا مخصوص بالإجماع لأنه إذا تغير إحدى صفات الماء بالنجاسة حينئذٍ حكموا عليه بأنه نجس ولذلك نجاسة ما تغير بالنجاسة لا خلاف فيها بين أهل العلم فقوله (لم تغيره) له مفهوم وهو أن النجاسة إذا خالطت الماء سواء كان طهوراً أو طاهراً إذا خالطته وأثرت فيه بأن تغير جميع صفاته أو بعض صفاته حكمنا على الماء بكونه نجساً وهذا محل إجماع كما ذكرنا قال ابن المنذر (أجمع أهل العلم على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت للماء طعماً أو لوناً أو رائحة أنه نجس مادام كذلك) إذاً علق المصنف الحكم بمطلق النجاسة لكنه استثنى نوعاً من أنواع النجاسات إذا وقعت في الماء الكثير فلم تغيره بأن الحكم يختلف ليست العبرة بالتغير وعدمه، النجاسة الواقعة في الماء الكثير نوعان إما أن تكون بولاً أو غائطاً كما سيذكره المصنف إما أن يكون غير ما ذكر إن كان الثاني فالعبرة بالتغير بشرط أن يكون الماء كثير وإن كان الأول فالعبرة ليست بالتغير وإنما العبرة بمشقة النزح حينئذٍ إذا وقعت النجاسة وهي