قال هكذا لمن ليس بجنب فأما الجنب فلا) هذا لو صح الحديث لكان صحيحاً في الاستدلال به على التحريم وهذا موقوف على علي الصحيح أنه موقوف على علي ووجه الاستدلال أن تبليغ القرآن واجب وتركه فدل على أن تركه لما هو أوجب منه وهو اشتراط الطهارة من الجنابة ثم جوابه أنه موقوف على علي رضي الله تعالى عنه فقد عارضه قد يقال أنه قول صحابي ولم يعلم له مخالف فصار إجماعاً نقول لا؛ هو معارض بقول ابن عباس وقول الصحابي إذا عارضه قول صحابي آخر حينئذٍ سقط الاستدلال به فلا يكون حجة فلا حجة فيه لمعارضة قول ابن عباس له وأيضاً ليس كل قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من قبيل التبليغ فهو مجرد فعل والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، قال ابن خزيمة [لا حجة في هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة لأنه ليس فيه نهي وإنما هو حكاية فعل] وحديث ابن عمر قوله صلى الله عليه وسلم (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن) هذا الحديث ضعيف في إسناده إسماعيل ابن عياش وروايته عن الحجازيين ضعيفة وهذه منها قال أبو حاتم [حديث إسماعيل ابن عياش هذا خطأ وإنما هو من قول ابن عمر] وقال أحمد بن حنبل [هذا باطل] أنكره على إسماعيل بن عياش، بقي حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئاً) رواه الدار القطني وهو ضعيف كذلك فيه محمد بن الفضل وهو متروك ومنسوب إلى الوضع وقد روي موقوفاً عن جابر وفيه يحي بن أبي أنيسة وهو كذاب وقال البيهقي [هذا الأثر ليس بالقوي] هذه الأحاديث التي استدل بها أرباب المذاهب الأربعة في تحريم القراءة على الجنب وإذا كانت ضعيفة حينئذٍ ما هو الأصل؟ ما هو الأصل التحريم أو عدم التحريم؟ الأصل عدم التحريم ولذلك نقول الصحيح أنه لا يحرم على الجنب ولا على الحائض ولا على النفساء قراءة القرآن كله ولا بعضه بل هو جائز وهذا محل وفاق عند الصحابة وهذه الأدلة كلها ضعيفة بل دلت النصوص بعموماتها على أنه له أن يقرأ قال الله تعالى (إن الذين يتلون كتاب الله) (يتلون) الواو هنا فيه إفادة العموم يعني مطلقاً تلا القرآن سواء كان جنباً كان متطهراً نفساء حائض الحكم واحد، (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم) (الذين) هذه صيغة عموم فتفيد المتطهر وغير المتطهر، قال (واذكروا الله ذكراً كثيراً) وجاء حديث عائشة وهو واضح بين (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) (على كل أحيانه) فدخل فيه غير المتطهر و (يذكر الله) دخل فيه القرآن من باب أولى وهذا عام والقرآن ذكر وجاء قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر) أي القرآن فدخل في النص (وأنزل إليك الذكر لتبين للناس) فالقرآن ذكر قالت عائشة (يذكر الله على كل أحيانه) إذاً يذكر القرآن على كل أحيانه ويسبح الله على كل أحيانه حينئذٍ النص عام تخصيصه بمثل هذه النصوص لا يستقيم وروى ابن المنذر عن ابن عباس (أنه قرأ شيء من القرآن وهو جنب فقيل له في ذلك فقال ما في جوفي أكثر من ذلك) القرآن موجود في الصدر حينئذٍ كيف يقال بأنه جنب فلا يقرأ فلا يتكلم بما هو في نفسه فقد أخرج البخاري عن ابن عباس (أنه لم يرى في القراءة للجنب بأساً) هذا ورد في البخاري موقوفاً على ابن