هذا المني الموجب للغسل أن يكون (دفقاً) يعني في دفعات متقاطعة لا يصب صباً كما هو الشأن في البول ونحوه فإن كان كذلك فلا يوجب الغسل، لو صب صباً وسال سيلاناً قالوا هذا لا يوجب الغسل وإنما الذي ويوجب الغسل هو ما كان على دفعات دفقات (بلذة) الباء هذه سببيه يعني بسبب لذة وقوله (دفقاً) هذا زائد؛ لماذا؟ لأنه لا يكون دفقاً إلا إذا كان بلذة، إذاً خروج المني (دفقاً بلذة لا بدونهما) يعني لا إن خرج بدون الدفق واللذة فإن خرج بدونهما حينئذٍ لم يوجب الغسل بل يوجب الوضوء كالبول، (بدونهما) يعني بدون اللذة والدفق (من غير نائم) يعني هذا الحكم السابق متعلق باليقظان المستيقظ يعني يشترط في خروج المني بإيجاب الغسل أن يكون دفقاً بلذة من يقظان مستيقظ وأما النائم فلا يشترط فيه الدفق ولا اللذة وإنما هو عام لورود النص، إذاً قال ابن هبيرة [وأجمعوا على أنه إذا نزل المني بشهوة وجب الغسل وأما إذا خرج لغير شهوة فقد اختلفوا فيه] وجمهور أهل العلم على أنه لا يوجب الغسل ومذهب الشافعي أنه موجب للغسل وهذا محترز بقوله (لا بدونهما) يعني لا بدون دفقاً ولذة فإن خرج بدون دفق ولذة حينئذٍ لا يوجب الغسل إذا كان من يقظان وأما النائم فهو واجب مطلقاً، إذاً إن خرج بغير ففيه قولان جمهور أهل العلم على أنه لا يوجب الغسل وقال الشافعي يجب الغسل واستدل المصنف هنا رحمه الله تعالى للمذهب بقوله لحديث علي يرفعه (إذا فضخت الماء فاغتسل وإن لم تكن فاضخ فلا تغتسل) (إذا فضخت) المراد بالفضخ هو الدفق إذا دفقت الماء يعني المني (فاغتسل) مفهومه صرح به في الجملة الثانية (وإن لم تكن فاضخ فلا تغتسل) وهذا الحديث في الصحيحين دون هذه الزيادة رواه أحمد، والفضخ خروجه بالغلبة قاله إبراهيم الحربي، إذاً هذا هو المذهب إذا لم يكن فاضخ له بأن يخرج منه لشهوة أو دفقاً هذا لا يوجب الغسل ومذهب الشافعي بأنه يوجب الغسل لحديث (نعم إذا رأت الماء) هذا يدل على ماذا؟ يدل على أن الحكم معلق بخروج الماء فمتى ما رأى الماء وجب الغسل ففيه تعميم (نعم إذا رأت الماء) فقوله صلى الله عليه وسلم (الماء من الماء) الماء الذي هو غسل البدن من الماء من هنا سببية يعني بسبب الماء الذي هو خروج من مخرجه ولم يفصل النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خارجاً بلذة أو لا؛ فعمم ولأنه مني خارج فأوجب الغسل كما لو خرج حال الإغماء حينئذٍ هذه الأدلة ذكر الشافعي وغيره وهو المعتمد عندهم أن خروج المني مطلقاً موجباً للغسل سواء كان بشهوة سواء كان دفقاً أو لا؛ وهذا أظهر والله أعلم، (من غير نائم) وعلم منه أنه إن خرج من النائم وجب الغسل مطلقاً إذا كان من النائم لحديث أم سليم (قالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت - السؤال عن الحلم - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إذا رأت الماء) والأصل حكم المحتلم وغيره اليقظان والنائم واحد هذا الأصل هنا النبي صلى الله عليه وسلم أحال إلى رؤية الماء فمتى ما رأى الماء حينئذٍ وجب الغسل والنص جاء هنا في المحتلم وغيره اليقظان مثله سواء ولذلك قال (من غير نائم) فإن كان من نائم حينئذٍ وجب الغسل مطلقاً إذاً هذا هو الموجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015