البدن حصل الغسل فلم يذكر سوى إفاضة الماء على البدن و (إنما) للحصر (إنما يكفيك) كذا حينئذٍ لو كان الدلك واجباً لنص عليه النبي صلى الله عليه وسلم كذلك في حديث (إذا وجد الماء فليمسه بشرته) المراد مساس الماء للبشرة ولم يذكر الدلك فدل على أنه ليس بواجب، إذاً الصحيح أن الدلك أو التدليك أو الفرك أو الدعك هذا ليس بواجب في مسمى الغسل وليس بداخل في مفهوم الغسل حتى في لسان العرب لأن المراد بالغسل هو سيلان الماء على جميع البدن سيلان الماء متى ما أفاض الماء على بدنه حصل الغسل حينئذٍ نقول قد وقع ما طلب الشارع من المكلف، وزيادة الدلك والتدليك والفرك والدعك هذا زيادة تحتاج إلى نص ولا نص، إذاً [استعمال الماء في جميع بدنه على وجه مخصوص]، قال (وموجبه) يعني الحدث الأكبر الذي يوجبه يعني سبب وجوب الغسل ما هو؟ كما علمنا فيما سبق نواقض الطهارة أو موجبات الطهارة الصغرى الخارج من السبيلين الخارج من بقية البدن إذا كان بولاً إلى آخره هذه موجبات للطهارة الصغرى، ما هي موجبات الطهارة الكبرى؟ قال [ستة أشياء] هذه دليلها الاستقراء والتتبع ومنها ما هو مجمع عليه ومنها ما هو مختلف فيه كما الشأن فيما سبق، قال (وموجبه) يعني وموجب الحدث الذي هو سبب وجوب الغسل، ستة أشياء: أولها: (خروج المني دفقاً بلذة لا بدونهما من غير نائم) (خروج المني) المنيِّ بتشديد الياء وبها جاء القرآن (من مني يمنى) ويجوز فيه التخفيف كعميَ منيَ كعمي وهو حده عند أهل العلم: من الرجل في حال صحته ماء غليظ أبيض يخرج عند أشداد الشهوة يتلذذ بخروجه ويعقب البدن بعد خروجه فتور ورائحته كرائحة طلع النخل تقرب من رائحة العجين، وقال النووي رحمه الله تعالى [خواصه المعتمدة الخروج بشهوة مع الفتور عقبه والرائحة التي تشبه الطلع والعجين ونحو ذلك] ومن المرأة: ماء رقيق أصفر ولا خاصية له إلا التلذذ وفتور شهوتها عَقِيب خروجه، وجاء في صحيح مسلم وغيره (ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر) قيل فرق بين ماء المرأة وماء الرجل، ومعرفة الصفات لابد منها من أجل أنه إذا وقع اشتباه هل هو مني أو مذي أو ودي ونحو ذلك؟ حينئذٍ يرجع إلى الصفات، عرفنا المني قال (خروج المني) من مخرجه المعتاد فإن خرج من غير مخرجه المعتاد فلا أثر له، فلو فتحت له فتحة كما سبق في بيان ما يتعلق بالبول والغائط لو فتحت له فتحة وخرج منها البول والغائط أخذنا فيما سبق أنه ينقض مطلقاً قل أم كثر وهذا محل وفاق وأما إن خرج من هذه الفتحة إذا انسد المخرج الطبيعي حينئذٍ لو خرج منه مني لا حكم له بمعنى أنه لا يوجب الغسل؛ لماذا؟ لأن النص إنما دل على خروج المني من موضع معين في مكانه المعتاد فإن خرج لا من مكانه المعتاد حينئذٍ لا يلتفت إليه، وكذلك خروج المني على وجه الصحة فإن كان مريضاً به سلسل مني كما يكون سلسل البول كذلك لا يوجب إلا الوضوء خروج المني من مخرجه المعتاد والمراد به خروج على وجه الصحة إذا لم يصر سلسلاً حينئذٍ يوجب الوضوء، وصف المني الذي هو موجب للغسل بقوله (دفقاً بلذة) يعني لابد من وصفين أولاً: أن يكون دفقاً؛ ودفق الماء صبه فهو ماء دافق أي مدفوق والاندفاق هو الانصباب، حينئذٍ يشترط في