بعشرة آلاف ريال وذهب إلى كاتب العدل، وكان من عادة كاتب العدل ألا يكتب حتى يكون الثمن قد استلم؛ لئلا تبقى المسألة معلقة، فقال البائع: اكتب أنني بعت وقبضت الثمن كاملاً فكتب كاتب العدل، ثم بعد أسبوع أو عشرة أيام جاء البائع إلى المشتري وقال: أعطني القيمة، قال: انتظر، وبعد مدة جاء وقال: أعطني القيمة، قال: انتظر، ذهب وانتظر، وبعد مدة جاء قال: أعطني القيمة، فلما طالت المدة جاء إليه وقال: أعطني ثمن البيت عشرة آلاف، قال ـ أعوذ بالله ـ: ما تقول بهذا الصك، أتقدح بكاتب العدل؟! فبُهت الرجل؛ لأنه أقر بأنه استلم الثمن، ومن كاتب عدل ـ أي: من جهة مسؤولة ـ فسقط في يده، ماذا يصنع؟ قال: تعال أنا وأنت والقاضي، أو أحد الناس من أهل الخير والصلاح، احلف عندهم أنك أقبضتني، فله الحق أن يحلفه، فلما طلب تحليفه وقال: كيف أحلف على شيء وبيدي وثيقة من كاتب العدل أنك قابض الثمن، لو أحلف أنك قابض الثمن قالوا: هذا إنسان مجنون، يحلف على شيء ثابت لا يحتاج أن يحلف عليه!! قال: نعم، أنا أقررت بأنني قبضت الثمن ثقة بك، ولأجل أن ننهي المعاملة والإفراغ، والآن ما قبضت، فاحلف، فإذا أبى أن يحلف، فالقاضي يرد اليمين على البائع، ويقول: احلف أنك لم تقبض الثمن، فإذا حلف ألزم المشتري أن يدفع الثمن، وإن لم تحلف فإننا لا نحكم لك، ولولا أن العادة جرت بأن الإنسان يقر وهو ما قَبَضَ، لم نقبل رجوعك إطلاقاً؛ لأن هذا رجوع عن إقرار لآدمي، والرجوع عن الإقرار لآدمي غير مقبول.