الثانية: يقول: «رهن وأقبض» نقول فيها مثل الهبة، ولماذا أقر بالإقباض؟ لأن الرهن على المشهور من المذهب لا يلزم إلا بالقبض، يقبضه المرتهن، أو من يقوم مقامه، مثل لو اتفقا على أن يجعلاه عند رجل ـ وهو ما يعرف عند الفقهاء بالعدل ـ فالأمر ظاهر، المهم أقر بأنه رهن سيارته وأقبضها، إذن أقر برهن لازم، ثم إن المرتهن قال: أنا قابض السيارة والرهن لازم، فقال المقر: إنني لم أقبضك إياها، فقال: ألم تكن قد أقررت؟ قال: بلى، أقررت بأني رهنتك وأقبضتك، لكن الآن أنكرت الإقباض، فهل نقول: إن إنكاره غير مقبول؛ لأنه يرفع إقراره الأول، أو نقول: إنه مقبول؟ نقول: إنه مقبول؛ لأن الأمر ممكن، فقد يُقر بالرهن والإقباض من أجل أن يتم العقد، والإقباض لم يكن، وعلى كل حال، فالمرتهن يطالب بأن الرهن لازم؛ والراهن يقول: لم أقبضك فالرهن غير لازم، فإذا قال المقر: احلف أنني قد أقبضتك إياه فحلف، يلزم الرهن ويكون قابضاً، فإن أبى أن يحلف ترد اليمين على الراهن الذي ادعى أنه الذي أقر بأنه أقبض ثم أنكر، نقول: احلف أنك لم تقبضه فحلف، فلا يلزم الرهن؛ لأنه رهنٌ غير مقبوض، وقد سبق لنا أن القول الراجح: أن الرهن لا يشترط قبضه، وأنه يلزم بالتعيين، سواء قبض أم لم يقبض، وأن العمل عند القضاة منذ أزمنة على هذا، يرهن الإنسان سيارته لشخص وهو يستخدمها تحت يده، أو يرهن فلاحته وهو يشتغل فيها، أو يرهن بيته وهو ساكن فيه.
المسألة الثالثة: «أو أقر بقبض ثمن أو غيره» باع عليه بيته