وهذه المسألة التي ذكرتُها واقعة، فقد كتب أحد أئمة المساجد ـ قبل أن تأتي كتابات العدل ـ بين بائع وامرأة باعت بيتها على هذا الرجل، وحضر الرجل، وقال للكاتب: إن شاء الله يأتي ولدها لديَّ في الدكان وأعطيه الثمن، اُكْتُب أن الثمن مقبوض، ولم يبقَ للبائع حق ولا عُلقة بالمبيع، وقال للمرأة: ما تقولين؟ قالت: نعم، إن شاء الله يفي، فكتب أنها باعت بيتها على فلان ابن فلان وقَبضَت الثمن تاماً، ولم يبقَ لها علقة بوجه من الوجوه، وهذه المرأة سليمة القلب، فلما كان العصر أرسلت ولدها إلى الرجل، قال: يا ولدي اليوم ما عندي شيء، ثم جاء ثانياً وثالثاً، وبعد مضي عدة أيام، قال: هذا كتاب فلان ابن فلان بأنكم قابضون الثمن، أبداً ما لكم شيء، فذهب الولد إلى أمه وأخبرها بالخبر، فالمسكينة سُقِط في يدها، فلما ترافعوا إلى القاضي وكان قاضياً حازماً ذا فراسة وعرف أن المرأة ضعيفة، وأن الإنسان مهما بلغ قد يغويه الشيطان، فقال للرجل: أعطني المكتوب، وإذا كتابة فلان ابن فلان وهو ثقة، ففكر وقال لهم: انصرفوا وتعالوا بعد يومين، وأخذ المكتوب ودعا الكاتب، وقال له: هذا خطك؟ قال: نعم، قال: هل رأيت الثمن معدوداً بيدها؟ قال: لا، لكن أقرت عندي، فلما أقرت كتبت: الثمن واصلاً، فقال: لا تَعُدْ، ولا تكتب أنه قبض الثمن إلا إذا شاهدت البائع قد قبضه، أما مجرد إقرار فلا، فصار في هذا مصلحة عامة، ولما جاء الغد قال للمشتري مباشرة: أما تخاف الله؟! تأكل حق هذه المرأة لما وثقت بك وأمنتك، اتق الله وخف من الله، فخوفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015