والمسألة فيها خلاف لكن الكلام على المذهب يقولون: لأن العادة جرت بمثل هذا الأمر أن يقال: نكتب أنك وهبت وأقبضت؛ لئلا يبقى في المسألة تعلقات، فيقول: نعم اكتب أنني وهبت، وأقبضت، وهو ما أقبض، ولنفرض أنه وهبه بيته وهو ساكن فيه، وقال: أَقِرْ بأنك وهبت وأقبضت، فأقر أنه وهب وأقبض؛ لأجل أن تنتهي المسألة، ولا يكون فيها تعلقات، وهذه دائماً تقع، وتقع أيضاً في مسألة ثانية سيذكرها المؤلف إذا أقر أنه باع وقبض الثمن.
على كل حال يقول المؤلف: «إذا سأل إحلاف خصمه فله ذلك» ويحلفه القاضي، وإذا لم يحلف فقال بعض الأصحاب: يُقضى عليه بالنكول من غير رد اليمين على المُقِر، فيقال: ما دام أنك ما حلفت فليس لك شيء، ويحكم عليه بالنكول، ويقال للواهب: خذ ما وهبت ولا يلزمك شيء.
القول الثاني: أنها ترد اليمين على المُقِر، فيقال للمُقر: احلف أنك لم تُقْبِضه، وهذا القول أقيس، وقد سبق لنا أن القول الراجح: أنه إذا نكل من عليه اليمين ردت على خصمه، وهذا من باب أولى؛ لأن خصمه ادعى أنه أقبض، ولا ترفع هذه الدعوى إلا إذا حلف الواهب بأنه لم يُقبض، ولا يضره شيء إذا حلف على شيء هو صادق فيه. فإن كان صادقاً فهو بار، وإن كان كاذباً فلن يحلف، فعلى كل حال: إذا حلف استحق، وإذا نكل فإنه لا يستحق الموهوب، أما رد اليمين على الواهب ففيها الخلاف المذكور، والراجح أن اليمين ترد على الواهب إذا تكل الموهوب له عن اليمين.