قوله: «وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ، أَوْ رَهَنَ وَأَقْبَضَ، أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ، وَلَمْ يَجْحَدِ الإِْقْرَارَ، وَسَأَلَ إِحْلاَفَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ» هنا عدة مسائل:

الأولى: إن أقر أنه وهب وأقبض، قال: إني وهبت هذا الكتاب زيداً وأقبضته إياه، وإنما أردف قوله: وأقبضته إياه؛ من أجل أن تكون الهبة لازمة؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، ولو قال: وهبته ولم يقل: وأقبضته، ما لزمت الهبة؛ لأن الواهب إذا لم يُقْبِض الهبة فله أن يرجع، فلو قال: يا فلان أنا وهبتك هذا الكتاب، ولكن ما أقبضه إياه فله أن يمنع الهبة، ولا يُقْبِضَها، ولكن إذا أقبضها صارت لازمة، فهذا الرجل أقر أنه وهب وأقبض، ثم بعد ذلك قال: ما أقبضت، وقال: حَلِّفوا الموهوب له أنه قبض؛ لأن الموهوب له يدعي أنه قابض من أجل أن تلزم الهبة، والمُقِر يدعي أنه لم يُقبض من أجل ألا تلزم، فقال المقِر: حلفوه أني أقبضته حتى تكون الهبة لازمة، يقول المؤلف: له ذلك، فإن قال الخصم: لا أحلف، كيف أحلف على شيء هو أقر به؟ ألم يقر أنه وهب وأقبض، إذن فلماذا تحلفونني على شيء أَقر به خصمي؟! فنقول: إن كان صادقاً أنه لم يُقْبضك فأنت حلفت واستحققت الموهوب له، وإن كنت صادقاً في أنه وهب وأقبض فاليمين لا يضرك؛ بل هو نافع لك على كل حال، فلماذا لا تحلف؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015