هذا كما ذكرنا أن الناظم يرى أن العكس إنما يدخل الحمليات فقط، وهو قول لبعضهم، والمشهور أنها الشرطيات المتصلة على جهة الخصوص دون المنفصلة كذلك يدخلها العكس، فحينئذ تجعل المقدم تاليًا، والتالي مقدمًا والعكس في مركب بالطبع، أي ثابت في قضية مركبة بالطبع الذي هو كل من الحملية والشرطية المتصلة، والترتيب الطبيعي هو ما اقتضاه المعنى بحيث يتغير بتغيره، أما المرتب بالوضع فهو الشرطية المنفصلة لأن ترتيبها ذكري لو أزيل لم يتغير المعنى، إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، لو أزلتَ الأداة كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود انفصلت، حينئذ نقول: الشمس طالعة هذه جملة، والنهار موجود هذه جملة ما تغير المعنى، لم يتغير المعنى، بخلاف المبتدأ والخبر والفعل وفاعله أو نائبه، لو فككت كلا منهما عن الآخر فحينئذ تغير المعنى. قال: (وَالعَكْسُ في مُرَتَّبٍ) يعني وليس العكس ثابتًا (في مُرَتَّبٍ بِالطَّبْع) يعني بسبب الوضع والذكر الذي هو الشرطية المنفصلة، إذا جعلنا المرتب أي مرتب بالطبع خاصًا بالحملية، لكن مراد الناظم هنا (وَالعَكْسُ في مُرَتَّبٍ بِالطَّبْع) وهو الجملة الحملية فقط القضية الحملية، (وَالعَكْسُ في مُرَتَّبٍ بِالطَّبْع) وهو الشرطية والمتصلة والمنفصلة هذا مراد الناظم رحمه الله تعالى.
ثم قال: (بابٌ في القِيَاسِ) سبق أن باب القضايا وأحكامها هو مبادئ التطبيقات، الآن شرع في مقاصد التطبيقات، وهو القياس ما يسمى بالبرهان، (بابٌ في القِيَاسِ) القياس لغة كما سبق بالأمس يأتي بمعنى المساواة والتقدير والتشبيه، وهو مشترك بين هذه الألفاظ، تقدير شيء على مثال شيء آخر كتقدير القماش على الآلة، هذا معناه في اللغة.
أما في اصطلاح المناطقة فهو ما عرفه بقوله:
إِنَّ القِياسَ مِنْ قَضايا صُوِّرا ... مُسْتَلْزِماً بِالذَّاتِ قَوْلاً آخَرا