(إِنَّ القِياسَ)، (إِنَّ) في الأصل هذا يعتبر حشوًا لأن إن للتأكيد ولا يؤكد إلا لمنكر أو متردد أو مُنَزّل منزلة المنكر أو المتردد، وأما إذا لم يكن كذلك، والمتن هنا موضوع للمبتدئ حينئذ لا يحتاج إلى التأكيد، فإن في مثل هذه التراكيب تعتبر حشوًا (إِنَّ القِياسَ مِنْ قَضايا) الأصل أن نقول: قول كما قال الأكثر، قول يعني مركب، لأن القول عند المناطقة يفسر أو مرادف بالمركب ولذلك قلنا قول الشارح سمي قولاً لماذا؟ لأن القول المراد به المركب والشارح لشرحه وكشفه الماهية، إذًا الأصل نقول: (إِنَّ القِياسَ) قول (مِنْ قَضايا صُوِّرا)، (صُوِّرا)، بمعنى رُكِّبَ، رُكِّبَ من قضايا أي تركيبًا خاصًا ليس مطلقًا، ليس كل تصوير ليس كل تركيب وإنما لهم هيئة وترتيب معين، لا بد من الجري والسير عليه، إن تخلف حينئذ فسد القياس (إِنَّ القِياسَ) قول (مِنْ قَضايا صُوِّرا) يعني ركب تركيبًا خاصًا، وقوله: (قَضايا) هذا جمع، ليس المراد به ثلاثة فأكثر أقل الجمع، لا المراد به قضيتين فأكثر، حينئذ أطلق الجمع وأراد به الاثنين، أو إن شئت قل القول المرجوح أقل الجمع اثنان لأن القياس نوعان قيس بسيط وقياس مركب، القياس البسيط هو المؤلف من قضيتين مقدمتين فقط، والقياس المركب هو ما أُلِّفَ من ثلاث قضايا فأكثر، إذًا لو قيل قضايا خرج القياس البسيط، حينئذ لا بد من تفسير القضايا هنا بمعنى ماذا؟ بالاثنين فأكثر، (مِنْ قَضايا صُوِّرا) أي ركب تركيبًا خاصًا حالة كونه مستلزمًا، انظر هذا حال ربط بحال (مِنْ قَضايا صُوِّرا مُسْتَلْزِماً) أي حالة كونه مستلزمًا، (بِالذَّاتِ) أي بذاته سبق معنا معنى اللازم، والسلب اللازم هو الذي لا ينفك عن الشيء، لا بد منه (مُسْتَلْزِماً بِالذَّاتِ) يعني بذاته يعني بنفسه بنفس المقدمتين لا بمقدمة خارجة عن القياس، (مُسْتَلْزِماً بِالذَّاتِ) يعني بذاته ... (قَوْلاً آخَرا) المراد بالقول الآخر هو النتيجة، ولذلك سبق عند قول نتائج الذكر أن نتائج جمع نتيجة وهو القول اللازم لمقدمتين لذاتهما، يعني لا لشيء خارج كما سيأتي بيانه (قَوْلاً آخَرا) وهو النتيجة.
إذًا: (إِنَّ القِياسَ مِنْ قَضايا صُوِّرا مُسْتَلْزِماً بِالذَّاتِ) يعني بذات القضيتين التي ركب منها القياس لا لقضية أو أمر خارج عن المقدمتين فأكثر (قَوْلاً آخَرا) وهو النتيجة، (قَوْلاً آخَرا) المراد به النتيجة.