حط بمعنى أزال، وهذا معطوف على قوله: (أَخْرَجَا). (أَخْرَجَا) (وَحَطَّ) من عطف السبب على المسبب، لأن حط الحجاب سبب في إخراج النتائج، لأنه متى تظهر النتائج؟ إذا أزيل الحجاب عن العقل، وأما إذا كان العقل محجوبًا عن الفكر حينئذٍ لا يمكن أن تظهر النتائج، فيكون من عطف السبب على المسبب (وَحَطَّ عَنْهُمْ)، الضمير يعود إلى أرباب الحجا، (مِنْ سَمَاءِ العَقْلِ) (مِنْ) بمعنى عن لأن حط أزال عن ولا يتعدى بمن (سَمَاءِ العَقْلِ)، هذا من إضافة المشبه به للمشبه، يعني: من العقل الذي هو كالسماء، شبه العقل بالسماء (مِنْ سَمَاءِ العَقْلِ)، يعني: من العقل الذي هو كالسماء، وهذا فيه تشبيه للعقل بالسماء، لأن العقل يكون محلاً لطلوع الكواكب الحسية، والسماء تكون محلاً لطلوع الكواكب الحسية، الأمور التي هي محسوسة، والعقل يكون محلاً لطلوع الأفكار التي هي الأمور المعنوية، ففيه تشبيه بطلوع، (مِنْ سَمَاءِ العَقْلِ)، يعني: من العقل الذي هو كالسماء. شبه العقل بالسماء لأنه محل لطلوع شموس المعارف المعنوية، كما أن السماء محل لظهور شموس الإشراق الحسية (كُلَّ حِجَابٍ)، (كُلَّ) بالنصب هذا مفعول حط يعني: أزال كل حجاب. والحجَاب المراد به المانع والحائل، حجبه يعني: منعه، ومنه باب الحجب عند الفرضين حده المنع (كُلَّ حِجَابٍ مِنْ)، هذه بيانية (سَحَابِ الجَهْلِ)، يعني: من الجهل الذي هو كالسحاب، فشبه الجهل بالسحاب، والمراد بالجهل هنا الجهل المركب، لأنه هو الذي يعتبر وجوديًّا، وأما الجهل البسيط هذا ليس بوجودي وإنما هو عدم، من الجهل الذي هو كالسحاب عندنا جهل وسحاب، إذًا شبه الجهل بالسحاب بجامع أن كلاً منهما يحجب ويمنع، الجهل يمنع ماذا؟ يمنع من إدراك الأمور المعنوية، الجهل يمنع من إدراك الأمور المعنوية، كما أن السحاب يمنع من إدراك الأمور الحسية، إذًا بجامع أن كلاً منهما يحجب عن الإدراك، جهل يحجب عن إدراك الأمور المعنوية، والسحاب يحجب ويمنع إدراك الأمور الحسية.
حَتَّى بَدَتْ لَهُمْ شُمُوسُ المَعْرِفَةْ ... رَأَوْا مُخَدَّرَاتِهَا مُنْكَشِفَةْ