(الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَدْ أَخْرَجَا) (الَّذِي قَدْ) قد هنا للتحقيق و (أَخْرَجَا)، الألف هذه للإطلاق، وأخرج بمعنى أظهر وأوجد، (نَتَائِجَ الفِكْرِ)، هذا مفعول أخرج (نَتَائِجَ الفِكْرِ)، أي: النتائج التي تنشأ عن الفكر، حينئذٍ يكون بإضافة المسبب إلى السبب، فكر سبب والنتائج مسبب، حينئذٍ يكون من إضافة المسبب إلى السبب، (نَتَائِجَ) فَعَائِل جمع نتيجة.
والنتيجة في اللغة هي: الثمرة والفائدة.
وأما في الاصطلاح عند المناطقة كما سيأتي: القول اللازم من تتميم قولين لذاتهما، وهذا سيأتي في محله، وإنما أراد الناظم هنا أن يأتي ببراعة الاستهلال، وهي مقصودة عندهم وتعتبر من أنواع البيان والبديع أن يأتي في طالعة كلامه بما يشعر بالمقصود، هذا يريد أن يبين لك أنه أراد أن يكتب وينظم في فن المنطق، لأن الفكر والنتائج وما سيأتي ذكره إنما يبحث في فن المنطق، (نَتَائِجَ الفِكْرِ) الفكر بالكسر ويفتح فِكْر وَفَكْر والمشهور هو الكسر، والمراد به إعمال النظر في الشيء، هذا في اللغة، وفي المختار فَكَّر تأمل، ويطلق عندهم الفكر مرادفًا للنظر وسيأتي بحثه، ويطلق ويراد به حركة النفس في المعقولات حركة النفس النفْس المراد بها عند المناطقة القوة الفكرية القوة العاقلة القوة التي يحصل بها التفكير، ويطلق عليها النفس، حركة النفس يعني: انتقالها من المبادئ إلى المطالب. في المعقولات، يعني: لا في المحسوسات. يعني: حركة النفس في المحسوسات تسمى تخليلاً، وهذا يسمى فكرًا، إذًا (نَتَائِجَ الفِكْرِ)، الفكر المراد به هنا النظر (لأَرْبَابِ الحِجَا)، يعني: لأصحاب. أرباب جمع رَب فعل، والمراد به أصحاب، و (الحِجَا) المراد به العقل، كأنه قال: لأرباب العقول. لأن بحثه إنما يكون في المعقولات، كل بحث المناطقة إنما هو في المعقولات ثم هذه المعقولات يعبر عنها بالألفاظ وبذلك سيأتي باب الدلالات ونحوها، (أَخْرَجَا نَتَائِجَ الفِكْرِ لِأَرْبَابِ الحِجَا)، (لِأَرْبَابِ)، يعني: أصحاب، يعني: أرباب مضاف و (الحِجَا) مخصص مضاف إليه، وأل هنا قال الشارح: للكمال. يعني: للعهد العلمي، مراد المعهود الفرد الكامل، وهذا عند بعضهم يعظمون بدع المنطق ويجعلون أهله كأنهم هم العقلاء الذين بلغوا غاية العقل وأن غيرهم دونهم وهذا فيه نوع غلو.
..................... ... ................. لأَرْبَابِ الحِجَا
وَحَطَّ عَنْهُمْ مِنْ سَمَاءِ العَقْلِ ... كُلَّ حِجَابٍ مِنْ سَحَابِ الجَهْلِ