(الكُلُّ حُكْمُنَا عَلَى المَجْمُوعِ)، يعني: لا على الجميع، أيْ: على جملة الأفراد من حيث كونها مجموعة، بحيث لا يستقلّ منهم فردٌ منهم بالحكم، (الكُلُّ حُكْمُنَا) من حيث هو مجموع لا باعتبار كل فرد على المجموع لا على الجميع، أيْ: على الأفراد أفراد المجتمع جميعها، (كَكُلُّ ذَاكَ لَيْسَ ذَا وُقُوعِ) هذا مثال بالمعنى أراد به حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ذي اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل ذلك لم يكن». ما هو المنفي؟ القصر والنسيان. إذًا نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - القصر والنسيان. حينئذٍ صار من دلالة الكُلّ على أجزائه ولكن هذا المثال هنا لا يصلح، المثال الصحيح أنه من قبيل الكُلِّية لا من قبيل الكُلّ لماذا؟ لأن هنا إمَّا قصر، وإمَّا نسيان ولذلك جاء في بعض الروايات: «لم أنس ولم تُقْصَر». حينئذٍ تَبِعَ النفي كُلُّ ذلك لم يكن تبع النفي كُلّ فرد وإذا قلنا لأن الكلام هنا في ماذا؟ في ما له فردان لا يحتمل إلا قصر أو نسيان صلَّى الرباعية ركعتين، إذًا إمَّا قصرت الصلاة خُفِّفَ فيها، وإمَّا نسيان هذا أو ذاك هل ثَمَّ احتمال ثالث؟ لا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل ذلك لم يكن». هل المراد به المجموع أو الجميع؟ المجموع إذا كان من قبيل الكُلّ كقولنا في الآية السابقة وفي النساء كل بني تميم يحملون الصخرة أو من قبيل الكُلِّية بحيث يتبع النفي كُلَّ فردٍ. الناظم يرى: أنه من قبيل الكُلّ وغُلِّطَ خُطِّأَ في هذا قيل: المثال هذا خطأ، بل الصواب أنه من قبيل الكُلِّية بدليل ماذا؟ بدليل الرواية الثانية: «لم أنس ولم تُقْصَر». إذًا هذه مفسرة بالرواية [الثانية #1:31:34 الأولى]: «كل ذلك لم يكن». هذا محتمل لكن لما جاءت الرواية: «لم أنس ولم تُقْصَر». حينئذٍ تبع النفي كل فردٍ، وإذا تبع النفي كل فردٍ حينئذٍ استقلّ كل فردٍ بالحكم وهذا شأن الكُلِّية لا الكُلّ، (كُلُّ ذَاكَ لَيْسَ ذَا وُقُوعِ) هذا الرواية بالمعنى، يعني: غير فيها: «كل ذلك لم يكن». وفي رواية: «لم أنس ولم تُقْصَر». وفي رواية قال ذو اليدين: بل بعض ذلك قد كان. على كُلٍّ هذا الحديث الصواب أنه من قبيل الكُلِّية وليس من قبيل الكُلّ.
ثم قال:
وَحَيْثُمَا لِكُلِّ فَرْدٍ حُكِمَا ... فَإِنَّهُ كُلِّيَّةٌ قَدْ عُلِمَا