(وَحَيْثُمَا لِكُلِّ) اللام هنا بمعنى على، وحيثما على كل فرد حُكِمَا، الألف للإطلاق، فإنه الضمير هنا عائد على الحكم المفهوم من قوله: ... (حُكِمَا). كُلِّية يسمى كُلِّية: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} كُلُّ الناس؟ لا يدخل الشرط؟ لا يدخله شرط إلا من اختصاصه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} لا شيء من الحجر بحيوان كُلِّية أو لا؟ هل شيء من الحجر حيوان؟ لا إذًا كُلِّية لكنها سالبة، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} هذه كُلِّية، موجبة لا شيء من الحجر بحيوان هذه كُلِّيةٌ سالبة، (فَإِنَّهُ كُلِّيَّةٌ قَدْ عُلِمَا) إذًا الكُلِّية يتبع الحكم كل فرد من أفرادها بخلاف الكُلّ، الكل يتبع المجموع، وأمَّا الكلية فهذا يتبع كُلَّ فرد ولذلك يأتي الشراح هناك في الآجرومية وغيرها يقولون: هذا من تقسيم الكُلِّ إلى أجزائه. وهذا من تقسيم الكُلِّ إلى جزئياته. فرق بين التقسيمين، (فَإِنَّهُ كُلِّيَّةٌ قَدْ عُلِمَا). ثم قال: (وَالحُكْمُ لِلْبَعْضِ)، يعني: على البعض. والحكم على البعض (هُوَ الجُزْئِيَّةْ) الحكم يسمى جزئيًّا وكذلك القضية المشتملة عليها، إذا حُكِمَ على البعض يسمى جزئيًا. بعض الحيوان إنسان، نقول: الحيوان هذا جنس مقولٌ على كثيرين مختلفين بالحقيقة يدخل فيه الإنسان والفرس وغيرها، حينئذٍ لو قيل: بعض الحيوان إنسان، هذا حكم على كل الحيوان أفراد الحيوان أو على بعض أفراد الحيوان؟ على بعض أفراده وسيأتينا الصورة الكُلِّي والصورة الجزئي متى نفرِّق بين هذا وذاك. ليس بعض الإنسان بكاتب، نفي صحيح هذا ليس بعض الإنسان بكاتب، يعني: بالفعل نعم، بعض الناس لا يكتب مثلاً أُمِّي حينئذٍ نقول: ليس بعض الإنسان بكاتب. إذًا (وَالحُكْمُ لِلْبَعْضِ)، يعني: على البعض. والبعض هذا يصدق بالواحد فأكثر (هُوَ الجُزْئِيَّةْ)، يعني: يسمى جزئية. (وَالجُزْءُ) جزء الإنسان الزائد على الأصل (مَعْرِفَتُهُ جَلِيَّهْ)، يعني: واضحة. وهو ما تركب منه ومن غيره الكُلِّ (جَلِيَّهْ)، يعني: واضحة للمبالغة في ظهور المعنى الجزئي. إذًا بين لنا في هذا الفصل الكُلّ والكُلِّية، والجزء والجزئية. الكُلّ هو الحكم على المجموع، والكُلِّية هو الحكم على الجميع، والجزئية هو الحكم على البعض. وفرْق بين المجموع، والجميع. إذا قال قائل مثلاً: أعطي مجموع أولادك، عطاهم مال وعنده مثلاً عشرين من الأولاد، أو عنده عشرون حينئذٍ قال: أعطي المجموع أولادك. فأعطى خمسًا وترك البقية، صح؟ نعم صحيح لأن المراد بعض الأفراد، قال: أعطي مجموع الأفراد. مجموع أبنائك مجموع الطلاب فأعطى البعض وترك صح، أعطي جميع أولادك أعطى البعض وترك صح؟
لا، لماذا؟
لأن الجميع لا بد أن يستوفي الكُلّ لا يخرج عنه فرد من الأفراد، ولذلك الكُلِّية يتبع كل فرد فَرد، والكُلّ يتبع البعض دون الآخر، والجزء والجزئية واضح معناهما. والله أعلم.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.