أيْ: كُلُّ لفظ (الكُلُّ) هذا خطأ في اللغة لأن لفظ كل هذا ملازم للإضافة لفظًا ومعنًى، بمعنى: أنه قد ينفك ويعوض عن المضاف إليه التنوين وهو ما يسمى بتنوين العوض عن كلمة المضاف إليه حينئذٍ لا يجوز أن يجامع المضاف أن، يعني: هذا ليس من المسائل المستثناة عند النحاة لا يصح أن تقول: الغلام زيد، لا يصح وكل من الألفاظ الملازمة للإضافة سواءٌ تُلُفِّظ بالمضاف أو حُذِفَ المضاف، سَواءٌ تُلفظ بالمضاف إليه أو حُذِف المضاف إليه وعوض عنه التنوين على كلٍّ هذا اصطلاح عند المناطقة وعليه جرى النحاة، تقول: بدل الكل من الكل. هذا غلط وإنما يقولون: بدل كل من كل. لأن كل هذا ملازم للإضافة ما هو الكل؟ الكل هو ما يتركب من جزأين فصاعدًا هذا الأصل فيه، ما ترتب من جزأين اثنين فصاعدًا كالكرسي قالوا: مركب هذا كل حينئذٍ مركب من ماذا؟ من خشب ومسامير وحديد وله هيئة حينئذٍ نقول: هذا كُلٌّ لأنه تركب من جزأين فصاعدًا الكل ما هو؟ (حُكْمُنَا عَلَى المَجْمُوعِ)، بمعنى: أن الحكم هنا يكون على جملة الأفراد، يعني: مجموعة من الأفراد لا كل الأفراد فيصدق على البعض فيصدق على المجموع لا على كل فرد فردٍ، في المثال يقولون مثلاً إذا قيل: كل بني تميم - على النساء من الأصل - كل بني تميم يحملون الصخرة العظيمة. حمل الصخرة هذا حكم، هل ينفرد واحد من بني تميم بحمل الصخرة أو أنه يصدق على المجموع على الجملة؟ بحيث لا يتبع الحكم بعض الأفراد، لا يستقل بعض الأفراد بالحكم؟ نقول: هذا المراد به أن الحكم هنا على المجموع بمعنى أنه لا ينفرد واحد من بني تميم بحمل الصخرة بخلاف الكلية، حينئذٍ الفرق نستعبر به من أجل الإفهام الفرق بين الكُلّ والكُلِّية أن كلاً منهما يرتب عليه الحكم والحكم في الكل لا يتبع كل فرد على جهة الاستقلال، والحكم في الكلية يتبع كل فرد على جهة الاستقلال ولذلك ذكرنا البارحة أن العام مدلوله الكلية: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، قلنا: القتل هذا حكم هل يتبع مجموع المشركين أو كل اسم مشرك يتبعه الحكم ويستقل بالحكم دون غيره؟ لا شك أنه يتبع كل فردٍ من أفراد المشركين هذه يسمى كلية، وأمَّا الكُلّ فهذا يتبع المجموع: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17]، مجموع الثمانية تحمل العرش، حكمه هنا هو حمل العرش هل يستقلّ واحد بحمل العرش؟ نقول: لا نقطع بهذا لأن مدلول اللفظ هو هذا فنقول: مجموع الثمانية كُلّ الثمانية هي التي يصدق عليها الحكم وهو حمل العرش حينئذٍ لا يستقلّ واحد لو أراد الله عز وجل لكان ذلك أليس كذلك؟ لكن نقول: مدلول اللفظ الآية هنا أن الثمانية الجملة كلها تحمل العرش فلا يتبع الحكم واحدٌ فيستقل بالحمل دون الآخر، فإذا قيل: كل بني تميم يحملون الصخرة العظيمة. حينئذٍ جملة الأفراد بحيث لا يستقل واحد منهم بالحكم دون الآخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015