حينئذٍ الكُلِّي يصدق على كثيرين من الأفراد ولا يختص به فرد دون فرد، (كَأَسَدٍ)، يعني: وذلك (كَأَسَدٍ) الكُلِّي مثل له بلفظ أسد مثل جنس كُلِّي، كل أسماء الأجناس كلية اسم الجنس هذا كُلِّي لا يختص به واحد دون آخر بخلاف علم الجنس فهو جزئي، علم الجنس كأسامة هذا يختص به مثل زيد، زَيد من الناس نقول: هذا يختص به دون آخر فإذا قلت: جاء زيد. لا يدخل تحته فرد آخر وإنما يختص بفرد واحد وهو مشخص. حينئذٍ نقول: ما لا يمنع الاشتراك فهو كُلِّيٌّ كالأسد هذا يصدق على كل أسامة بأنه أسد فهو اسم جنس وهو كُلِّيٌّ، (وَعَكْسُهُ الجُزْئِِيُّ) عكس ماذا؟ ما لا يفهم اشتراكًا بل اختص به فرد دون آخر، (وَعَكْسُهُ)، أيْ: خلافه. (الجُزْئِِيُّ) فهو ما لا يفهم الاشتراك بين أفراده، يعني: ما يكون معناه مشخصًا لا يصدق على كثيرين كالأعلام نقول: هذه خاصة لا تقبل الاشتراك البتة كـ زيد، وخالد، وعمرو إلى آخره نقول هذه لا تقبل الاشتراك البتة، أو إن شئت قل: ما يمنع تعقل مدلوله من وقوع الشركة فيه عكس الكُلِّي فإذا تصوره وتعقله الإنسان في ذهنه حينئذٍ يمنع أن يدخل فرد آخر تحت مدلول هذا اللفظ، والاشتراك المراد به هنا الاشتراك المعنوي. الاشتراك نوعان سيأتي في الفصل القادم، الاشتراك المشترك: ما اتحد اللفظ وتعدد المعنى مثل عين هذا مشترك، لكن المراد هنا الاشتراك ليس هو الاشتراك العادي، إنما المراد به بالاشتراك المعنوي: أن يتحد اللفظ والوضع والمعنى وتتعدد الأفراد المشتركة في ذلك المعنى. إذًا هنا الاتحاد حصل في اللفظ والوضع والمعنى، بخلاف المشترك الآتي فهو: متحد في اللفظ فقط والمعنى مختلف متعدد وكذلك الوضع متعدد إذا قيل: رجل. نقول: هذا مشترك بين أفراده. اشتراك معنوي أو لفظي؟ نقول: لا اشتراك معنوي. لماذا؟ لأن اللفظ واحد فتقول: زيدٌ رجل، وعمروٌ رجل، وخالدٌ رجل. إذًا اللفظ واحد، هل الوضع هنا متعدد؟ نقول: لا الوضع واحد وُضِع مرة واحدة بخلاف لفظ العين، لفظ العين هذا مشترك لفظي وُضِعَ وأريد به العين الباصرة، ثم وُضِعَ وضعًا آخر وأريد به العين الجاسوسة، ثم وضع وضعًا ثالثًا فإذا قيل: بأنه يصدق على ثلاثين معنى حينئذٍ وضع ثلاثين مرة، هذا الاشتراك اللفظي ولذلك إذا قيل: زيد مثلاً، زيد هذا زيد وهذا زيد متعدد هل هذا مشترك معنوي أو لفظي؟ نقول: هذا مشترك ماذا؟ [مشترك معنوي، لأن المعنى المدلول واحد] (?) نعم هذا مشترك لفظي وليس بمشترك معنوي مشترك لفظي بمعنى أنه إذا وُضِعَ زيد وأريد به شخص بعينه حينئذٍ إذا سمي به شخص آخر فالوضع ليس هو عين الوضع السابق، ولذلك نقول هنا: الاشتراك المراد به الاشتراك المعنوي، وهو أن يتحد اللفظ والوضع والمعنى، وأمَّا المشترك اللفظي فاتحد اللفظ وتعدد الوضع وتعدد المعنى. فرقٌ بين النوعين (وَعَكْسُهُ الجُزْئِِيُّ). ثم قال:
وَأَوَّلاً لِلذَّاتِ إِنْ فِيهَا انْدَرَجْ ... فَانْسُبْهُ أَوْ لِعَارِضٍ إذَا خَرَجْ