عرفنا على جهة الإجمال ثم نأتي إلى كلام المصنف، (إِدْرَاكُ مُفْرَدٍ) إدراك المفرد يعني: فهم المعنى المراد بالمفرد، المفرد هنا ما يقابل المركب، والمراد بالمركب هنا من أجل تسهيل المعلومة الجملة الاسمية والجملة الفعلية، إذا أدركت فهمت المراد من الجملة الاسمية يسمى تصديقًا، وإذا أدركت المراد من الجملة الفعلية يسمى تصديقًا، لأن المتعلق الإدراك ما هو؟ جملة مركب وليس بمفرد، إن تعلق الإدراك وصول النفس إلى المعنى معنى المفرد بتمامه يسمى تصورًا، إن وصلت النفس إلى المعنى معنى المركب الجملة فعلية أو الجملة الاسمية بتمامه يسمى تصديقًا هذا من جهة التيسير العام (إِدْرَاكُ مُفْرَدٍ)، يعني: فهم المعنى المراد من المفرد علم تصورًا (تَصَوُّرًا عُلِمْ)، ... (تَصَوُّرًا) هذا مفعول ثاني لـ (عُلِمْ)، (عُلِمْ) هذا مغير الصيغة والمفعول الأول هو نائب الفاعل ضمير مستتر، أي: علم بالتصور. أي: سمي به. ثم قال: (وَدَرْكُ نِسْبَةٍ بِتَصْدِيقٍ وُسِمْ). (وَدَرْكُ) هذا اسم مصدر بمعنى إدراك، (نِسْبَةٍ بِتَصْدِيقٍ وُسِمْ)، (وُسِمْ) من الْوَسْمِ وهو التعليم، يعني: عُلِّمَ وسمي تصديقًا، فهمتم هذا؟ إدراك النسبة الذي هو النسبة الخارجية، إذا قلنا: الجملة الفعلية والجملة الاسمية عندنا مبتدأ وخبر، زَيْدٌ قَائِمٌ هذه مشتملة على تصديق ومشتملة على تصور، زَيْدٌ هذا موضوع، قَائِمٌ هذا محمول وعندنا النسبة، النسبة هي: ارتباط المحمول بالموضوع، الارتباط بين المبتدأ والخبر العلاقة بينهما المعنى، زَيْدٌ قَائِمٌ اختصاص زَيْدٌ بالقيام هذا يسمى ماذا؟ يسمى نسبة بقي شيء رابع وهو: وقوع هذه النسبة في الخارج أو لا، إدراك زيد يسمى تصورًا لأنه مفرد، إدراك قائم يعني: معرفة معنى قائم هذا يسمى تصورًا لأنه إدراك مفرد، إدراك النسبة التي هي: ارتباط المحمول بالموضوع والعلاقة بينهما والمعنى. هذا يسمى نسبة، إدراكها يسمى تصورًا، بقي ماذا؟ وقوع قيام زيد في الخارج أو لا، لأنه قد تعتقد ماذا؟ زيدٌ مسافرٌ وتعرف معنى زيد ومسافر ويبقى في الذهن، لكنه لو في الخارج لم يسافر زيد، إذًا عدم وقوع مدلول اللفظ هذا نقول: هذا لا يسمى تصديقًا، إن أُدْرِكَ في الخارج بكونه قائمًا أو ليس بقائم في النفي يسمى تصديق حينئذٍ صار عندنا أربعة أشياء في كل جملة، إدراك الموضوع الذي هو المبتدى، وإدراك المحمول الذي هو الخبر، إدراك النسبة التي هي ارتباط المحمول بالموضوع ثم وقوعها أو عدم وقوعها، الرابع هذا إدراكه يسمى تصديقًا، والثلاث الأول تسمى تصورًا، واضح هذا؟ إذًا كل جملةٍ لا بد من أربع تصورات: تصور الموضوع، تصور المحمول، تصور النسبة من حيث هي اتفاق المحمول بالموضوع، يعني: إذا قلت زَيْدٌ قَائِمٌ. تتصور أن زيد متصف بالقيام وتعرف أن زيد ممكن أن يحدث القيام، لكن إذا قيل: الجدار قائمٌ. ولم تجد فيه القيام الذي هو أن يكون مبناه على أساسه، وإنما القيام الذي تصف به الإنسان، هذا لا يتصف، الجدار لا يتصف بالقيام كما إذا قلت: طار الجدار، أو مات الجدار، أو سافر الجدار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015