وَأَمْرُ ذِي ثَلاَثَةٍ نَحْوُ اقْبُلاَ ... ضُمَّ كَمَا بِمَاضِيَيْنِ جُهِلاَ

(كَمَا بِمَاضِيَيْنِ جُهِلاَ) ما هو الذي جهلا الماضيين؟ الخماسي والسداسي [أحسنت] كلامه كله هنا إذا ذكر الماضي أو لهما يُرَدّ على الخماسي والسداسي (كَمَا) أي: كضم همزة الوصل الذي ثبت (بِمَاضِيَيْنِ) في ماضيين، الباء هنا ظرفية الخماسي والسداسي (جُهِلاَ) أي: بني للمجهول. حينئذٍ اِنْطَلَقَ ماذا تقول في المبني للمجهول؟ اُنْطُلِقَ ضممت الهمزة أم لا؟

إذًا إذا جاءت الهمزة في أول الخماسي وفي أول السداسي - لأن كل همزة الوصل تكون في الماضي الخماسي والسداسي فقط، ليس عندنا من الماضي همزته همزة وصل إلا الخماسي والسداسي - اِنْطَلَقَ اِسْتَخْرَجَ، إذا أردت بناؤه للمجهول ماذا تصنع؟ تضم أوله اُنْطُلِقَ اُ ضممت الهمزة، اُسْتُخْرِجَ ضممت الهمزة، (كَمَا) يعني كضم همزة الوصل (بِمَاضِيَيْنِ) الخماسي والسداسي (جُهِلاَ).

ثم قال:

وَبَدْءُ مَجْهُوْلٍ بِضَمٍّ حُتِمَا ... كَكَسْرِ سَابِقِ الَّذِي قَدْ خَتَمَا

يعني: المبني للمجهول. انتهى الآن من المعلوم وما يتعلق به والاستطراد الذي ذكره في همزة الوصل وبيان مواضعها.

المبني المجهول يُضم أوله ويُكسر ما قبل آخره، أليس كذلك؟ بدء مجهول هذا الماضي المجهول، بدء مجهول عرفنا بدء هنا مصدر يعني: حرف مبدوء به في ماضٍ مجهول. (مَجْهُوْلٍ) يعني: جُهِلَ فاعله لحذفه وأقيم المفعول به مُقَامه فارتفع ارتفاعه على ما تقرر في باب النحو. (وَبَدْءُ مَجْهُوْلٍ) يعني: جُهِلَ فاعله (بِضَمٍّ حُتِمَا) الألف للإطلاق، يعني: حُتِمَ تَحَتَّمَ. يعني: أوجب، (بِضَمٍّ) يعني: بضم أوله. (كَكَسْرِ سَابِقِ الَّذِي قَدْ خَتَمَا)، (كَكَسْرِ) التشبيه هنا في التحتم يعني: يتحتم الضم كتحتم الكسر ليس التشبيه هنا في كونه ضم أو يكسر، لا، هو يُضم في الأول ويكسر في الثاني، إذًا (كَكَسْرِ) المراد التشبيه هنا بالتحتم (كَكَسْرِ سَابِقِ) كسر هذا مصدر وهو مضاف لمفعوله، كسرك أنت (كَكَسْرِ) حرف (سَابِقِ)، الحرف ... (الَّذِي قَدْ خَتَمَا) هذا مبني للمعلوم (خَتَمَا) والفاعل هنا ضمير الموصول والمفعول محذوف، يعني: الماضي المجهول. والألف هذه للإطلاق، المعنى أن الماضي المجهول يُضم أوله ويُكسر ما قبل آخره، ضُرِبَ هذا في الثلاثي المجرد ضُرِبَ، عُلِمَ، حينئذٍ نقول: ضم أوله وكسر ما قبل آخره، أن الماضي المجهول يُضم أوله ويُكسر ما قبل آخره وجوبًا ليتميز عن المعلوم، يعني: منذ أن يَسمع السامع المخاطب ضَرَبَ يعلم أنه مبني للمعلوم، ضُرِبَ يعلم أنه مبني للمجهول، وهذا السبب في وجوب تغير صيغة المبني للمعلوم لما ذكر من أجل أن يعلم السامع أن المرفوع بعد هذا الفعل هو نائب فاعل، لأنك إذا حذفت - كما ذكرناه في شرح ((الآجرومية)) - أن ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا حذفت الفاعل وأقمت المفعول به مقامه فارتفع ارتفاعه صار عَمْروٌ، كان عَمْرًا صار عَمْروٌ، ضَرَبَ عَمْروٌ هذا يَلتبس مبني للمجهول أو للمعلوم لكن إذا غُير الصيغة ضُرِبَ عَمْرو علمت أن عمرو ليس بفاعل وإنما هو مفعول به في الأصل وأُقِيم مقام الفاعل، إذًا ليتميز من المعلوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015