(عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْ ذِي الثُّلاَثِ) وما عداه، يعني: إمَّا أن يكون من الثلاثي، وإمَّا أن يكون من عدا الثلاثي، يعني: الرباعي، والخماسي، والسداسي. فجعل القسمة ثنائية، إمَّا أن يكون: ثلاثيًا، أو يكون: عدد ثلاثي، بمعنى: أنه قد لا يكون رباعيًا، وخماسيًا، وسداسيًا. وفرق بينهما بناءً على أنَّ أحدهما: سماعي، والآخر قياسي، فكأنه قال لك: غير الميمي نوعان:
نوعٌ سماعي، وهو مصادر: الثلاثي المجرد، هذا: سماعي، يعني: لا قياس فيه.
ونوعٌ قياسي، وهو: الرباعي، والخماسي، والسداسي.
إذًا: غير الميمي كم نوع؟
نوعان:
سماعي.
وقياسي.
ما المراد: بالسماعي؟
المراد به: الذي يُحفظ ولا يقاس عليه، فليس بقاعدةٍ مطردة، وإنما تقول: سُمِعَ من كلام العرب مصدر: ضَرَبَ الضّرب، ولا يقاس عليه فتنظر في كلِّ فَعَلَ المصدر الذي نُقل فيه عن العرب.
الثاني: القياسي، وهو ما عدا: الثلاثي. (مِنْ ذِي الثَّلاَثِ) قسمٌ كائنٌ على قسمين، قسمٌ كائنٌ (مِنْ ذِي الثَّلاَثِ)، يعني: من الفعل المجرد صاحب الثلاث الأحرف، ولذلك قلنا: الثلاثَ بفتح الثاء بناءً على العدد، يعني: الذي تَأَلَّفَ وَتَرَكَّبَ من ثلاثة أحرف أصول، وهذا هو: الثلاثيُّ. (مِنْ ذِي)، يعني: من الفعل المجرد، (ذِي)، أي: صاحب الأحرف الثلاثِ هذا: سماعي. (فَالزَمِ الَّذِي سُمِعْ)، يعني: فاحفظ الزم لا تتعداه، (الَّذِي سُمِعْ)، يعني المسموع، (الَّذِي): اسم موصول و (سُمِعْ) هو يعود إلى: (ذِي الثَّلاَثِ) نائب الفاعل، فحينئذٍ نقول: الموصول مع صلته بقوة المشتق، والأول هنا: باسم المفعول، يعني: (فَالزَمِ) المسموع ولا تقس عليه، (فَالزَمِ الَّذِي سُمِعْ)، أي: احفظ المسموع من العرب من أبنية الثلاثيِّ المجرد، يعني: مصادِرِهِ مختصرًا عليه، بحيث لا يقاس عليه غيره لِتَعَذُّرِ ضبطه لكثرته، فحينئذٍ المصدر السماعي هو: المصدر الذي يلزم حفظه على ما جاء عن العرب فلا يقاس عليه غيره البتة، فلا قياس لمصدر الثلاثيِّ، وهذا: مذهب سيبويه، وهو المشهور عند الصرفيين: أنَّ مصادر الثلاثيِّ المجرد سماعية وليست قياسية، وخالفه الزمخشري، وتبعه ابن مالك على أنه: قياسي، ولهم تفصيلٌ في ذلك مذكورٌ في: ((الألفية)) وغيرها، لكن الذي ذهب إليه الناظم هنا تبعًا للأصل وما اشتهر عند الصرفيين: أنَّ مصادر الفعل الثلاثيِّ المجرد سماعية، لعدم ضبطها لكثرتها فهي كثيرة، فلا تنضبط بقاعدة مطردة، فحينئذٍ يكون مسموعًا، وما لا ينضبط فحينئذٍ يوقف على المسموعِ.