إذًا قسم يخالف القياس، والمراد بالقياس القواعد العامة التي أصلها الصرفيون وكذلك عند النحاة دون الاستعمال، كقَوَدَ بفتح الواو قَوَدَ وصَيَدَ وعَوِرَ واعْتَوَرَ واسْتَحْوَذَ قالوا: هذه قاعدة أن الحرف العلة الواو أو الياي إذا تحرك وانفتح ما قبله وجب قلب الحرف حرف العلة الواو أو الياء ألفًا، وقد حُفِظَ في بعض الألفاظ وجود القاعدة ولم تطبق القاعدة، فمثلاً قَوَدَ، قَوَدَ مثل قَوَلَ أليس كذلك؟ قَالَ قَوَلَ تحركت الواو واتفتح ما قبلها وقلبت ألفًا، هذه قاعدة؟ قاعدة نعم. بَيَعَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلب الياء ألفًا، هذه القاعدة قَوَدَ تحركت الواو وانفتح ما قبلها ولم نقلب ماذا نصنع؟ نقلبها بالقوة، [ها .. ها]، قل هكذا العرب نطق بها، إذًا هذه خارجة عن القياس، والقاعدة في هذه الكلمات قلب حرف العلة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فالاستعمال بخلافها، استُعملت هكذا في لسان العرب كما قال تعالى {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} [المجادلة: 19] {اسْتَحْوَذَ} {اسْتَحْوَذَ} الأصل في الواو هنا تقلب يعني تنقل حركت الواو إلى ما قبلها فيقال تحركت الواو باعتبار الأصل وفتح ما قبلها باعتبار الفرع فوجب قلب الواو ألفًا اسْتَحاذَ هذا الأصل، لكنها ما قلبت، حينئذ نقول: هذا خارج عن القياس يوصف بكونه شاذًّا لأنه لم يندرج تحت القاعدة إذا {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} بلا قلب الواو ألفًا مع أن القياس يقتضي ذلك.
الثاني: مخالف للاستعمال دون القياس. يعني جاء على القياس على القاعدة لكن الاستعمال بخلافه، مثال مشهور فإِنَّهُ أَهْلٌ لأَنْ يُأَكْرَمَ قال الشاعر: يُأَكْرَمَ. مع أنه في الاستعمال يقال ماذا يُكْرِمُ، يُكْرِمُ هذا الأصل يُكْرِمُ استعمالاً لكن القياس ما هو القياس أنك إذا أردت المضارع تزيد حرف المضارعة على الماضي أليس كذلك؟ َضَرَبَ تقول: أَضْرِبُ يَضْرِبُ نَضْرِبُ، زدت حرف المضارعة فيبقى الماضي كما هو سواء كان ثلاثيًّا أو رباعيًّا، أَكْرَمَ ماضي الأصل أُأَكْرِمُ يُأَكْرِمُ تُأَكْرِمُ .. إلى آخره تبقى الهمزة كما هي لكن هذا القياس لكن الاستعمال بخلاف القياس، قالوا: يُكْرِمُ نُكْرِمُ تُكْرِمُ بحذف الهمزة لأنها لما حذفت من أُأَ، اجتمع عندنا همزتان أليس كذلك؟ فيه ثقل فحذفوا همزة الفعل فصار أُكْرِمُ، أُكْرِمُ هذه همزة الفعل حينئذٍ قالوا طردًا للباب: نحذف الهمزة مع الياء ومع النون ومع غيرها، فقول الشاعر: فإِنَّهُ أَهْلٌ لأَنْ يُأَكْرَمَ جاء على القياس دون الاستعمال، لأن الاستعمال بخلاف ذلك.
الثالث: مخالف لهما - يعني للقياس والاستعمال معًا -. مثل ماذا؟ في قول الفرزدق:
مَا أَنْتَ بِالحَكَمِ التُرْضَى حُكُومَتُهُ ... وَلاَ الأَصِيلِ وَلاَ ذِي الرَّأْيِ وَالجَدَلِ