(وَحَرْفِ جَرٍّ) قال: (إِنْ ثُلاَثِيًّا وُسِمْ). هذا قيد يعني: بالهمز والتضعيف هذا خاص بالثلاثي، يعني: همزة التعدية همز النقل لا يدخل إلا الفعل الثلاثي، وأما الرباعي والخماسي والسداسي فلا، كذلك التضعيف فَعَّلَ هذا خاص بالثلاثي، وأما الرباعي والخماسي والسداسي فلا، ولذلك قال: (إِنْ ثُلاَثِيًّا وُسِمْ). (وُسِمْ) يعني: عُلِّمَ ما سبق نائبه ضمير ما الذي وهو شرط إن، إِن وسم حال كونه يعني: الفعل الذي دخل عليه الهمز والتضعيف وحرف الجر ثلاثيًّا، حال كونه ثلاثيًّا إن وسم ثلاثيًّا، (عَدِّ) ما، (مَا) قلنا: فعلاً، إن وسم هذا الفعل ثلاثيًّا يعني: صار معدودًا بالثلاثة، وهذا إنما يكون فيما سبق من كون الفعل ينقسم إلى ثلاثي وإلى مزيد، (وَغَيْرُه عَدِّ بِمَا تَأَخَّرَا)، (غَيْرُه) يعني: غير الثلاثي عَدِّ غيره غير الثلاثي (بِمَا تَأَخَّرَا)، وما الذي تأخر؟ حرف الجر. إذًا حرف الجر مشترك بين تعدية الثلاثي والرباعي والخماسي والسداسي، وأما التضعيف والهمز فهو خاص بالثلاثي، (وَغَيْرُه) يعني: غير الثلاثي الضمير يعود إلى الثلاثي (وَغَيْرُه) بالنصب مفعول (عَدِّ) عدِّ غيره يعني: غير الثلاثي. أي: صَيِّر الفعل اللازم غير الثلاثي متعدِّيًا (بِمَا) أي: بالحرف حرف الجر الذي (تَأَخَّرَا) الألف هذه للإطلاق، وفاعله يعود لـ (مَا) أي: ذكر آخر في البيت السابق انْطَلَقَ زَيْدٌ هذا ما يتعدَّى بالهمز ولا يتعدَّى بالتضعيف - ومر معنا أن انْفَعَلَ لازم - كيف نعديه؟
لا يَتَعَدَّى إلا بحرف جر انْطَلَقْتُ بِزَيْدٍ، كما تقول: خَرَجْتُ بِزَيْدٍ. إذًا كما أن الثلاثي يتعدى بحرف الجر كذلك يتعدَّى الخماسي والسداسي بحرف الجر، انْطَلَقْتُ بِزَيْدٍ.
(وَغَيْرُه عَدِّ بِمَا تَأَخَّرَا) يعني: بحرف الجر الذي تأخر ذكره في البيت السابق، (وَإِنْ حَذَفْتَهَا) أي: أسباب التعدية (حَذَفْتَهَا) الضمير يعود إلى أسباب التعدية، الهمزة والتضعيف وحرف الجر (حَذَفْتَهَا) أي: أسباب التعدية الثلاثة فيُرَى لازمًا، بمعنى أن الفرق بين اللازم والمتعدِّي في هذا الموضع إنما هو بذكر أو التنصيص على سبب التعدية، إن وجد واحد من هذه الأمور الثلاثة فهو متعدِّي، إن حذفتها كلها حينئذٍ صار خاليًا عن أسباب التعدية فرجع إلى أصله، والأصل في اللازم أن يبقى على أصله، أَصله بقاء ما كان على ما كان، حتى يوجد ناقل فينقله عن هذا الأصل، (وَإِنْ حَذَفْتَهَا) أي: أسباب التعدية الثلاثية (فَلاَزِمًا) اسم فاعل لَزِمَ أي: قاصرًا على رفع الفاعل (يُرَى) يعني: يُعْلَمْ هو، وباقيًا على لزومه الأصلي الذي ثبت له قبل دخول سبب من الأسباب الثلاثة السابقة، ولازم هذا مفعول ثاني ليرى مقدم عليه، والفاء هذه داخلة على يرى، وهو جواب الشرط، إن حذفتها فيرى لازمًا، المفعول الأول هو نائب الفاعل.
ثم قال رحمه الله تعالى:
لِصَادِرٍ مِنِ امْرَأَينِ فَاعَلاَ ... وَقَلَّ كَالإِلَهُ زَيْدًا قَاتَلاَ
وَلَهُمَا أَوْ زَائِدٍ تَفَاعَلاَ ... وَقَدْ أَتَى لِغَيْرِ وَاقِعٍ جَلاَ