[ذوي التّقى]: تقى والتقوى بمعنى واحد، يعني مصدر، و [ذو] تجمع على ذوي، ولذلك جمع [ذوي التقى] يعني أصحاب التقوى، يعني المتصفين بهذه الصفة العظيمة وهي التقوى، وحقيقتها: (امتثال المأمور واجتناب المحظور).
[وبعد]: والأصل فيها على السنة أن يقال: (أما بعد)، ولكن توسع أهل العلم فأقاموا الواو مقام (أما)، الأصل (أما بعد)، قالوا: [وبعد]، [وبعد]: هذا من ظروف الغاية، ظرف مبهم مجهول المعنى، ولا يفهم إلّا إذا أضيف إلى غيره، يعني مثل (أما بعد حمد الله تعالى والثناء كذا).
[فالقصد]: الفاء واقعة في جواب الشرط، أي المقصود، (قصد) هنا مطلب بمعنى اسم المفعول، (والقصد) هو: "إتيان الشيء"، يعني لماذا جئت ونظمت؟ أو ما الذي تريده من متعلق النية بنثر ابن آجروم؟
قال: [فالقصد بذا المنظوم]: [بذا] هذا اسم إشارة، والمشار هنا المرتب الحاضر بالذهن، [المنظوم] يعني الذي نظمه، منظومته هذه ما القصد بها؟
قال: [تسهيل]: يعني تيسير، [منثور]: نثر، ما يقابل الشعر، [ابن آجروم]: وهو (أبو عبد الله محمد ابن محمد ابن داوود الصنهاجي) معروف بابن آجروم، توفي سنة ثلاثة وعشرين وسبع مئة، و (آجروم) قيل: المراد به "الفقير الصوفي"، إذن النظم إنما قصد به الناظم، وجعل النثر نظما _وهو ما يسمى بالعقد عند أرباب البديع_ قصده تسهيل ابن آجروم، لماذا؟ لأن النظم أسهل من حيث الحفظ من النثر، والنثر فيه شيء من الصعوبة، ولذلك قال بعضهم:
وبعد فالعلم إذا لم ينضبط.:. بالحفظ لم ينفع ومن مارى غلط
وأسهل المحفوظ نظم الشعر.:. لأنه أحضر عند الذكر
إذن [تسهيل] أي تيسير، هذا خبر قصد، [فالقصد بذا المنظوم تسهيل] هذا مصدر، المراد به التيسير لمن أراد حفظه وعسر عليه أن يحفظ ما قد نثر، إذن حفظ المنثور فيه عسر قديما وحديثا، وهو مشتهر عند أهل العلم بأن النثر فيه شيء من الصعوبة، ولذلك نقل النثر إلى النظم، وما أكثر المنظومات في العلوم على جهة العموم، يعني في العلوم على جهة العموم سواء كانت علوم آلة أو مقاصد.