[لمن]: اللّام لتعليل، [لمن أراد حفظه]: يعني استظهاره عن ظهر قلب، [وعسرا]: الألف للإطلاق، يعني شقّ على الطالب، [عسر]: ضد يسر، [عليه]: متعلق بعسر، [أن يحفظ]: يعني (أن) وما دخلت عليه تأويل مصدر نائب فاعل لـ (عسر)، [ما قد نثرا]: يعني الذي قد نثرا، الألف للإطلاق، إذن قصده بهذا النظم أن يسهل على طالب العلم، فإذا أراد حفظ النظم حينئذ اشتغل بدرسه، يعني بدراسته، وإذا لم يرد فلا يشتغل به، لماذا؟ لأن النظم وإن كان سهلا من حيث الحفظ إلّا أن فيه شيئا من الصعوبة من حيث الفهم، لأن فيه تقديما وتأخيرا، وفيه بيان للمتعلّق ونحو ذلك، وقد يضطر إلى التقديم والتأخير، قد يغلق المعنى؛ ولذلك يحتاج إلى تأنٍّ في الفهم، بخلاف المنثور؛ فالضرورات لا تدخل النثر وإنما تدخل المنظومات، وهذا الذي يجعل بعض المنظومات _بل كثير منها_ فيها شيء من الصعوبة من حيث الفهم فحسب، وأما من حيث الحفظ فهي أسهل، والعكس في المنثور؛ لأنه من حيث الحفظ فيه شيء من الصعوبة، ومن حيث الفهم فهو أسهل، تقرأ الشطر أو الشطرين أو البيت والبيتين من النظم وفيه شيء من الإغلاق، إذا رجعت إلى النثر فإذا به واضح تقرؤه كما هو، ولكن هذا لا يجعل أن يكون المفهوم غاية فحسب، بمعنى أنه يجمع طالب العلم بين الحفظ والفهم.

[والله أستعين في كلّ عمل]: أستعين الله، [الله أستعين] يعني: الاستعانة متعلقة بالله تعالى، {إيّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي: لا نستعين إلّا بك، الاستعانة عبادة ولا تكون إلّا بالله تعالى، والله _جلّ وعلا_، (أسْتَعِينُ= اسْتَفْعَلَ) من العون، أي: أطلب العون في كلّ عمل، يعني في عملي كله ظاهره وباطنه.

[إليه قصدي]: إليه سبحانه قصدي، قصدي إليه لا إلى غيره، (وقَصَدَ قَصْدَهُ= نَحَا نَحْوَهُ).

[وعليه المتكل]: عليه سبحانه المتكل، (اتَّكَلَ على فلانٍ في أمرِهِ) إذا اعتمده.

هذا ما يتعلق بالمقدمة، ثم قال رحمه الله تعالى:

باب الكلام

إنَّ الْكَلَامَ عِنْدَنَا فَلْتَسْتَمِعْ ... لَفْظٌ مُرَكَّبٌ مُفِيدٌ قَدْ وُضِعْ

الكلام معرفته مهمة في أول فهم علم النحو، ويبدأ النحاة في المختصرات والمتوسطات والمنتهيات بعلم أو بتعريف الكلام؛ لأنه مقصود بالذات (هذا أوَّلًا)، ولأنه الذي يقع به التفاهم والتخاطب، لا تفهم ما يكن في صدور الناس إلّا إذا تكلموا، وإذا كان كذلك حينئذ لابدّ من معرفة ما هو الكلام.

[الكلام] في اصطلاح النحاة: "ما اجتمع فيه أربعة أركان"؛ ولذلك قال: [إن الكلام عندنا] أي: في حكمنا، في حكمنا نحن معاشر النحاة، وهنا يتكلم عن نفسه وعن غيره من النحاة.

[فلتستمع]: (الفاء) عاطفة، [تستمع]: جملة معترضة؛ لأنه أراد بها التثمين، [لفظ]: هذا خبر إن، [مركب مفيد قد وضع]: أربعة أركان إذا وُجِدَتْ على وفق ما قيده به النحاة فهو الكلام، إن عُدِمَتْ كلّها أو بعضها حينئذ انتفى وصف وصفك، هذا شأن الأركان، ركن كالفاتحة والركوع والسجود، إذا وجد حينئذ مع بقية الأركان وجدت الصلاة، وإذا انتفت الأركان أو انتفى بعضها انتفت الصلاة، كذلك هنا الكلام لا يكون كلاما نحويا إلّا باجتماع هذه الأربعة أركان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015