[اللهَ في كلّ الأمور أحمد]: (الله) بالنصب على التعظيم، وهو مفعول به مقدم، والعامل فيه (أحْمَدُ)، كأنه قال: (أحْمَدُ اللهَ)، وقدم المفعول به لقصد الاختصاص الفصل كما تحفظون {إيّاكَ نَعْبُدُ} أصلها (نعبدك) لما فصل وقدم؟ يعني (لا نعبد إلّا إياك)، {إيّاكَ نَعْبُدُ} قال أهل العلم فيها معنى (لا اله إلّا الله) إثباتا ونفيا، ووجهه أنه قدم ما حقه التأخير، {إيّاكَ نَعْبُدُ} إذن لا نعبد إلّا إياك، (الله أحمد) يعني لا أحمد إلّا الله، منصوب على التعظيم، [في كلّ الأمور] جمع أمر، والمراد به الشأن والحال، يعني في كلّ الشؤون، وهو كذلك سواء كانت سرّاء أو كانت ضرّاء؛ فيحمد المسلم ربه _جلّ وعلا_ على السّراء كما يحمده على الضراء، وهذا شأن المسلم، [أحمد] هذه جملة فعلية، والحمد هو "ذكر محاسن المحمود مع حبّه وتعظيمه وإجلاله"؛ لأن ذكر محاسن المحمود إما أن تكون مع الحب والتعظيم فهو الحمد، وإلّا فهو المدح، فيشترك الحمد مع المدح.
[مصليّا على الرّسول المنتقى] أولّا حَمَدَ اللهَ تعالى، وهذا شأن المسلم أن يحمد الله تعالى مطلقا، ثم يأتي بالمرتبة أشرف الخلق _وهو نبينا محمد (صلّى الله عليه وسلم) _ وحقه بعد حق الله تعالى، مصليّا على الرسول، (أحمد) حال كوني مصليا، وحال مقابلة ومقارنة كلّ شيء بحسبه، يعني أحمد الله تعالى أولا (تكلم بلساني)، ثم بعد الإنتهاء من الحمد أصلي على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، و [مصليا] أي طالبا من الله صلاته، والصلاة من الله (ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى)، وصلاة الملائكة عليه هي (ثناؤهم عليه)، والآدميون سؤالهم من الله أن يثني عليه ويزيده تشريفا، [مصليا] أي طالبا من الله صلاته وهي ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية وعلّقه البخاري عنه، [مصلّيا على الرّسول] والرسول في اللغة: (هو الذي يتابع أخبار الذي بعثه)، وأما في الشرع: (فهو إنسان ذكر حرّ أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه)، [المنتقى] يعني المختار، [الرسول] جاء بـ (ألْ)، وإذا أطلق الرسول في أمة محمد (صلّى الله عليه وسلم) فهو عَلَمٌ بالغلبة على نبينا (عليه الصلاة والسلام) فلا يحتاج إلى أن ينص عليه بذكر اسمه، فقيل (اللهم صلِّ على النبي أو على نبينا) صار علما بالغلبة، و [الرسول] هذا جنس يطلق على نوح ومن بعده إلى نبينا (صلّى الله عليه وسلم)؛ ولكن إذا كان الناطق من أمة محمد (صلّى الله عليه وسلم) انصرف إلى نبينا، إذن [المنتقى] أي المختار.
[وآله] أي أتباعه على دينه في هذا المقام، أي مصلّيا على الرسول ومصليا على آله، أي أتباعه على دينه، والنص دلّ على أن الصلاة تكون تابعة على الأتباع، كما جاء في الحديث: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ"، إذن الصلاة على الآل بالنص.
[وصحبه] اسم (جمع صاحب) كراكب وركب، صاحب: (هو من اجتمع بالنبي صلّى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك)، وهنا الصلاة عليهم على جهة التبع لا استقلالا، لما لهم من شرف حفظ الشريعة.