قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 700): (قوله: " والمثبت "، أي: ويقدم الخبر المثبت " على النافي "، يعني الدال على ثبوت الحكم على الخبر الدال على نفيه، كإثبات بلال - رضي الله عنه - صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة على رواية ابن عباس في نفيها؛ لأن عند المثبت زيادة علم ممكنة وهو عدل جازم بها.
قوله: " إلا أن يستند النفي إلى علم بالعدم، لا عدم العلم، فيستويان " يعني أن نفي النافي إن استند إلى عدم العلم، كقوله: لم أعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بالبيت، ولم أعلم أن فلانا قتل فلانا، لم يلتفت إليه، وكان إثبات المثبت للصلاة، وقتل فلان مقدما لما سبق. وإن استند نفي النافي إلى علم بالعدم، كقول الراوي: اعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل بالبيت، لأني كنت معه فيه، ولم يغب عن نظري طرفة عين فيه، ولم أره صلى فيه، أو قال أخبرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يصل فيه، أو قال: اعلم أن فلانا لم يقتل زيدا، لأني رأيت زيدا حيا بعد موت فلان، أو بعد الزمن الذي أخبر الجارح أنه قتله فيه. فهذا يقبل، لاستناده إلى مدرك علمي، ويستوي هو وإثبات المثبت، فيتعارضان، ويطلب المرجح من خارج. وكذلك كل شهادة نافية استندت إلى علم بالنفي، لا إلى نفي العلم، فإنها تعارض المثبتة، لأنها تساويها، إذ هما في الحقيقة مثبتتان، لأن إحداهما تثبت المشهود به، والأخرى تثبت العلم بعدمه).
قال المرداوي في "التحبير" (8/ 4186): (يرجح المثبت على النافي عند أحمد، والشافعي، وأصحابهما، وغيرهم، وجزم به القاضي في ' العدة '، وابن عقيل في ' الواضح '، وأبو الخطاب في ' التمهيد '، والموفق في ' الروضة '، وغيرهم من الأصحاب، وغيرهم. قال البرماوي: يرجح عند الفقهاء، كدخوله البيت، قال بلال: ' صلى فيه '، وقال أسامة: ' لم يصل '، وكذا ابن عباس، فأخذ بقول بلال وسن