فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ عَقَدَ الْحَاكِمُ
(وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَةٌ (إنْ أَقَرَّ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (فَقَطْ) وَكَذَّبَتْهُ (فِي) خَلْوَةِ (زِيَارَةٍ) وَطَلَّقَهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَهَا كُلُّ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا (بِخِلَافِ) إقْرَارِهِ فَقَطْ فِي خَلْوَةِ (الْبِنَاءِ) فَلَهُ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَالْبِنَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي إقْرَارُهُ فَقَطْ وَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا عَلَى الْوَطْءِ أَوْ حَمْلٍ، وَلَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ
(وَفِي إبْطَالِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ حَالًا وَمَآلًا وَلَا تَصِحُّ رَأْسًا (إنْ لَمْ تُنَجَّزْ) بِأَنْ عُلِّقَتْ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ وَلَوْ مُحَقَّقًا (كَغَدٍ) كَأَنْ قَالَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتهَا؛ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ لِأَجَلٍ وَلِاحْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ (أَوْ) تَبْطُلُ (الْآنَ فَقَطْ) فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا قَبْلَ الْغَدِ فَإِذَا جَاءَ الْغَدُ صَحَّتْ وَحَلَّتْ لَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ رَجْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَعْلِيقُهَا وَتَنْجِيزُهَا وَعَلَيْهِ لَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا بِمَجِيئِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ فَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ
(وَلَا) رَجْعَةَ (إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ) أَيْ مَنْ أَرَادَ الْغَيْبَةَ وَقَدْ كَانَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا وَخَافَ أَنْ تُحْنِثَهُ فِي غَيْبَتِهِ (إنْ دَخَلَتْ) وَوَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فِي غَيْبَتِي (فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا) ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَشَبَّهَ فِي بُطْلَانِ الرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: (كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ) الْمُتَزَوِّجَةِ بِعَبْدٍ (نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا) أَيْ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ (بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا) كَأَنْ تَقُولَ: إنْ عَتَقْت فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت زَوْجِي فَإِنَّهُ لَغْوٌ، وَلَوْ أَشْهَدَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَهَا اخْتِيَارُ خِلَافِهِ إنْ عَتَقَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعج مِنْ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ إنْ تَمَادَيَا عَلَى الْإِقْرَارِ وَأَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْعِدَّةِ فَلَا جَبْرَ بَعْدَهَا اُنْظُرْ بْن وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ جَبْرُهَا وَجَبْرُ وَلِيِّهَا عَلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهَا لِحَقِّ اللَّهِ فِي ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ شُرُوطِهِ، وَذَلِكَ يَزُولُ بِوُجُودِ الْعَقْدِ الْجَدِيدِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ عَقَدَ الْحَاكِمُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ، وَانْظُرْ هَلْ لَهَا جَبْرُهُ عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَوْ لَا تَأَمَّلَ
(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ أَقَرَّ بِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِشَاهِدَيْنِ وَاخْتَلَى بِهَا فِي حَالِ زِيَارَتِهِ لَهَا، وَثَبَتَتْ الْخَلْوَةُ بِامْرَأَتَيْنِ مَثَلًا، وَادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَهَا وَكَذَّبَتْهُ وَطَلَّقَهَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا فَلَا تَتِمُّ لَهُ تِلْكَ الرَّجْعَةُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا، وَيُحْكَمُ بِكَوْنِ الطَّلَاقِ بَائِنًا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِلْخَلْوَةِ (قَوْلُهُ: فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَكَذَا يُقَالُ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ بَعْدُ وَقَوْلُهُ: فِي خَلْوَةِ زِيَارَةٍ أَيْ إذَا كَانَتْ الزِّيَارَةُ مِنْهُ لَهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَارَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَارَةُ مِنْهَا لَهُ فَيُصَدَّقُ إذَا أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ كَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِي بَيْتِهِ دُونَ بَيْتِ غَيْرِهِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّهُمَا إذَا كَانَا زَائِرَيْنِ مِثْلَ مَا إذَا كَانَ زَائِرًا وَحْدَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَهَا كُلُّ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ) نَقَلَ هَذَا ابْنُ نَاجِيٍّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ كَمَا فِي ح وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُكْمِلُ لَهَا حَتَّى تَرْجِعَ لِتَصْدِيقِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ وَهُمَا الْمُشَارُ إلَيْهِمَا فِي الصَّدَاقِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارُ الرَّشِيدَةَ كَذَلِكَ أَوْ إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا تَأْوِيلَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) تَعَقَّبَهُ بْن قَائِلًا اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ هَذَا وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَلَّذِي فِي ح مَا نَصُّهُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا وَذَكَرَ فِي الْعُمْدَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَقَطْ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الزِّيَارَةِ وَالِاهْتِدَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ أَيْضًا اهـ فَلَمْ يَذْكُرْ ح تَرْجِيحًا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَصِحُّ إذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ لَا الزِّيَارَةِ اهـ كَلَامُ بْن وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الشَّامِلِ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَلْوَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رَجَحَ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتهَا) أَيْ فَلَا يَكُونُ هَذَا رَجْعَةً الْآنَ وَلَا غَدًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَكُونُ لِأَجَلٍ) أَيْ فَكَمَا لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِي نِكَاحٍ كَمَا تَقُولُ: اعْقِدْ لِي عَلَى بِنْتِك الْآنَ، وَحِلِّيَّةُ الْوَطْءِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْغَدِ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ فِي الرَّجْعَةِ كَأَنْ يَقُولَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا (قَوْلُهُ: وَلِاحْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ) أَيْ لِلْقَوْلِ أَوْ لِلْفِعْلِ أَيْ وَلَا نِيَّةَ هُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا قَبْلَ الْغَدِ) هَذَا التَّفْرِيعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا قَبْلَ الْغَدِ حُكْمُ مَنْ لَمْ تُرَاجَعْ فَحَقُّهُ فِي الرَّجْعَةِ حِينَئِذٍ بَاقٍ فَإِذَا وَطِئَهَا، وَهُوَ يَرَى أَنَّ رَجْعَتَهُ صَحِيحَةٌ فَقَدْ قَارَنَ فِعْلُهُ نِيَّتَهُ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ رَجْعَةً اهـ بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ) أَيْ بِأَنْ وَلَدَتْ أَوْ نَزَلَ عَلَيْهَا الدَّمُ الثَّالِثُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا لِعَبْدِ الْحَقِّ وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ
(قَوْلُهُ: لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ) أَيْ إلَّا بِنِيَّةٍ تَحْدُثُ بَعْدَ الطَّلَاقِ السَّابِقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ كَإِنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ فَهِيَ طَالِقٌ وَبَيْنَ عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ حَقٌّ عَلَى الرَّجُلِ أَيْ حَقٌّ يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ، وَالرَّجْعَةُ حَقٌّ لَهُ فَالْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْزَمُ بِالْتِزَامِهِ، وَالْحَقُّ الَّذِي لَهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ، وَلَوْ أَشْهَدَ بِهِ