(بِخِلَافِ) الزَّوْجَةِ (ذَاتِ الشَّرْطِ) أَيْ الَّتِي شَرَطَ لَهَا الزَّوْجُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ بَيْتِ أَبِيهَا (تَقُولُ) قَبْلَ حُصُولِ مَا ذَكَرَ (إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا وَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَالُ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَامَهَا مَقَامَهُ فِي تَمْلِيكِهِ إيَّاهَا مَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ نَحْوَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ فَكَذَلِكَ هِيَ، وَهَذَا يُفِيدُ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ - لُزُومَ مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ اخْتِيَارِ زَوْجِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ
وَلَمَّا ذَكَرَ الْمَوَاضِعَ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الرَّجْعَةُ ذَكَرَ مَا تَصِحُّ فِيهِ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّتْ رَجَعْته إنْ قَامَتْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ) بَعْدَ الْعِدَّةِ (عَلَى إقْرَارِهِ) بِالْوَطْءِ فِيهَا أَيْ أَوْ بِالتَّلَذُّذِ بِهَا فِيهَا، وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ (أَوْ) عَلَى مُعَايَنَةِ (تَصَرُّفِهِ) لَهَا (وَمَبِيتِهِ) عِنْدَهَا (فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ بِهَا، وَأَمَّا شَهَادَتُهَا عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُعَايَنَةٍ لِمَا ذَكَرَ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا ثُمَّ إنْ أَرَادَ بِالتَّصَرُّفِ التَّصَرُّفَ الْخَاصَّ بِالْأَزْوَاجِ كَأَكْلٍ مَعَهَا وَغَلْقِ بَابٍ عَلَيْهَا دُونَ أَحَدٍ مَعَهُمَا فَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ إذْ يَكْفِي أَحَدُهُمَا، وَإِنْ أَرَادَ الْعَامَّ كَشِرَاءِ نَفَقَةٍ وَفَاكِهَةٍ مِنْ السُّوقِ وَبَعْثِهَا لَهَا كَانَتْ الْوَاوُ عَلَى حَقِيقَتِهَا لَكِنْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ مُعَايَنَةَ الْمَبِيتِ وَحْدَهَا تَكْفِي فِي تَصْدِيقِهِ فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا التَّصَرُّفُ الْعَامُّ
(أَوْ قَالَتْ) الْمُطَلَّقَةُ عِنْدَ قَصْدِهِ ارْتِجَاعَهَا أَنَا (حِضْت ثَالِثَةً) فَلَا رَجْعَةَ لَك عَلَيَّ (فَأَقَامَ) الزَّوْجُ (بَيِّنَةً) شَهِدَتْ (عَلَى قَوْلِهَا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ هَذَا الْقَوْلِ (بِمَا يُكَذِّبُهَا) بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا قَالَتْ: لَمْ أَحِضْ أَصْلًا أَوْ لَمْ أَحِضْ ثَالِثَةً وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلَيْهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ فَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ
(أَوْ أَشْهَدَ) الزَّوْجُ (بِرَجْعَتِهَا) فِي الْعِدَّةِ (فَصَمَتَتْ) يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ (ثُمَّ قَالَتْ كَانَتْ) عِدَّتِي قَدْ (انْقَضَتْ) قَبْلَ إشْهَادِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَقِيلَ: إنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُسْتَوِيَتَانِ فِي لُزُومِ مَا أَوْقَعَتَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَهُوَ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَقِيلَ إنَّهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ فِي عَدَمِ لُزُومِ مَا أَوْقَعَتَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ مَعَ فَضْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى فِعْلِهِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَلَا خِيَارَ لَهَا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي يُحْكَى عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ سَأَلَ فِيهَا مَالِكًا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ ذَاتِ الشَّرْطِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُ دَارَ أَبِي قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يَلْعَبُ فِيهَا الْأَحْدَاثُ بِالْحَمَامِ مُعَرِّضًا لَهُ بِقِلَّةِ التَّحْصِيلِ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ وَتَوْبِيخًا لَهُ عَلَى تَرْكِ إعْمَالِ نَظَرِهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَسْأَلَ إلَّا عَنْ أَمْرٍ مُشْكِلٍ اهـ اُنْظُرْ بْن قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَالْإِنْصَافُ أَنَّ سُؤَالَهُ وَارِدٌ؛ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاتِّحَادِهِمَا فِي الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ اخْتِيَارَ الْأَمَةِ قَبْلَ الْعِتْقِ فِعْلٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَهَا بِالشَّرْعِ وَأَمَّا ذَاتُ الشَّرْطِ فَاخْتِيَارُهَا لِمَا اخْتَارَتْهُ فِعْلٌ لِلشَّيْءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ لَهَا بِالتَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ اخْتِيَارِ زَوْجِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُقِمْهَا مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَقَامَهَا مَقَامَهُ فِي الطَّلَاقِ فَإِذَا قَالَتْ: إنْ فَعَلَ زَوْجِي مَا ذَكَرَ فَقَدْ اخْتَرْتُهُ ثُمَّ فَعَلَ فَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ الْفِرَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ادَّعَى أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ وَطِئَهَا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا، وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ حِينَئِذٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ قَدْ عُلِمَتْ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، وَحَيْثُ كَانَتْ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ مَعَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ نَوَى بِهَا الرَّجْعَةَ فَلَوْ دَخَلَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ وَبَاتَ عِنْدَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الرَّجْعَةُ وَلَا تَرِثُهُ، وَلَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ احْتِمَالًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ قِيَامَ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ تَصِحُّ بِهِ الرَّجْعَةُ وَهُوَ وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّ النَّصَّ عَلَيْهِ قَلِيلُ الْجَدْوَى لِكَوْنِهِ جَلِيًّا فَالصَّوَابُ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مُعَايَنَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَقَامَ بَعْدَ الْعِدَّةِ بَيِّنَةً مِنْ الرِّجَالِ تَشْهَدُ عَلَى مُعَايَنَةٍ إلَخْ وَإِنَّمَا قُلْنَا: مِنْ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ هُنَا لَا تَنْفَعُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ رَجْعَتَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ، وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الرَّجْعَةَ بِهَا) أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِذَلِكَ رَجْعَتَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ) أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ يَبِيتُ عِنْدَهَا وَيَتَصَرَّفُ لَهَا (قَوْلُهُ: فَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ) وَبِأَوْ عَبَّرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لِإِرَادَتِهِمْ التَّصَرُّفَ الْخَاصَّ بِالْأَزْوَاجِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الْعَامَّ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِالْأَزْوَاجِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ الْوَاوُ عَلَى حَقِيقَتِهَا) وَبِالْوَاوِ عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِإِرَادَةِ التَّصَرُّفِ الْعَامِّ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: تَكْفِي فِي تَصْدِيقِهِ) أَيْ إنْ نَوَى بِذَلِكَ رَجْعَتَهَا
(قَوْلُهُ فَأَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ لَا مِنْ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا عَلَى إقْرَارِهَا بِعَدَمِ الْحَيْضِ لَا عَلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ حَتَّى يَكْفِيَ النِّسَاءُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ شَهِدَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ أَحِضْ ثَالِثَةً) هَكَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ بِاللَّامِ وَالْأَوْلَى ثَانِيَةً بِالنُّونِ، وَإِلَّا فَهِيَ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بَيْنَ قَوْلَيْهَا) أَيْ قَوْلِهَا حِضْت ثَالِثَةً وَقَوْلِهَا لَمْ أَحِضْ