(إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ) مُطْلَقٌ بِأَنْ كَانَ طَائِعًا مُطْلَقًا فِي يَمِينٍ حَنِثَ أَوْ بَرَّ أَوْ أُكْرِهَ فِي حِنْثٍ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَنْطُوقُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ بِبِرٍّ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لَكِنْ بِقُيُودٍ سِتَّةٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الْفِعْلِ، وَأَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا، وَأَنْ لَا يَفْعَلَ ثَانِيًا طَوْعًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا هُوَ الْمُكْرِهُ لَهُ عَلَى فِعْلِهِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ يَمِينُهُ لَا أَفْعَلُهُ طَائِعًا، وَلَا مُكْرَهًا، وَإِلَّا حَنِثَ.

وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مُخْتَصَّةً بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ الْتِزَامٌ لَا أَيْمَانٌ، وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْيَمِينِ، وَمَا تَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الِالْتِزَامَاتِ فَقَالَ (وَ) اللَّازِمُ (فِي) قَوْلِ الشَّخْصِ (عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) لَا فَعَلَتْ كَذَا، وَفَعَلَ (بَتُّ مَنْ يَمْلِكُ) عِصْمَتَهَا (وَعِتْقُهُ) أَيْ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ حِينَ الْيَمِينِ فِيهِمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ، وَقَبْلَ الْحِنْثِ (وَصَدَقَةُ ثُلُثِهِ) أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ حِينَ يَمِينِهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ (وَمَشْيٌ بِحَجٍّ) لَا عُمْرَةٍ (وَكَفَّارَةٌ) لِيَمِينٍ، وَمَحَلُّ لُزُومِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ، وَيُصَدَّقُ فِي إخْرَاجِهِمَا، وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ (وَزِيدَ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ (فِي) قَوْلِهِ (الْأَيْمَانُ) أَوْ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ (تَلْزَمُنِي) إنْ فَعَلْت، وَفَعَلَ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ، وَلَمْ يَفْعَلْ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ (صَوْمُ سَنَةٍ إنْ اُعْتِيدَ حَلِفٌ بِهِ) أَيْ بِكُلِّ مَا يَلْزَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ، وَمَشْيٍ وَصَدَقَةٍ وَصَوْمٍ، وَكَفَّارَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ يَحْلِفُ بِعِتْقٍ كَمَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَوْ لَمْ يَجْرِ يَحْلِفُ بِمَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ كَمَا فِي مِصْرَ لَمْ يَلْزَمْ الْحَالِفَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَتْ قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ نَظَرًا لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا، وَهُوَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْحُكْمِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى شَرْطِهِ جَازَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ قَبْلَ زَهُوقِ الرُّوحِ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الْجُرْحُ، وَتَقْدِيمُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ النِّصَابِ، وَالْيَمِينُ هُنَا سَبَبٌ، وَالْحِنْثُ شَرْطٌ فَجَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الشَّرْطِ وَبَعْدَ السَّبَبِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ السَّبَبِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْإِكْمَالِ كَتَقْدِيمِ الْعَفْوِ عَنْ الْجُرْحِ وَتَقْدِيمِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْإِيصَاءِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ) أَيْ انْتَفَى الْإِكْرَاهُ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ فِي حِنْثٍ) كَوَاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ زَيْدًا أَوْ لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ فَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الضَّرْبِ أَوْ عَدَمِ الدُّخُولِ، وَمُنِعَ مِنْهُ قَهْرًا (قَوْلُهُ: إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ بِبِرٍّ) كَوَاللَّهِ لَا دَخَلْت الدَّارَ فَأُدْخِلَهَا كُرْهًا، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ عَاقِلٍ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَّا كُرْهًا شَرْعِيًّا) أَيْ، وَإِلَّا حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالطَّوْعِ كَوَاللَّهِ لَا دَخَلْت السِّجْنَ ثُمَّ إنَّهُ حُبِسَ فِيهِ لِدَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ، وَكَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَدْفَعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى الدَّفْعِ لِكَوْنِهِ مُوسِرًا بَقِيَ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ مَثَلًا أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ فَخَرَجَتْ لِسَيْلٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ لِأَمْرٍ لِإِقْرَارٍ لَهَا مَعَهُ أَوْ أَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ، وَهِيَ بِكِرَاءٍ قَدْ انْقَضَى أَوْ نُودِيَ عَلَى فَتْحِ قَذِرٍ، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مُرْضِعٌ فَخَرَجَتْ لِخَوْفِهَا عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ رَضِيعِهَا فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَاسْتَصْوَبَهُ بْن لِخُرُوجِهِ عَنْ نِيَّتِهِ حُكْمًا لَوْ سُئِلَ عَلَى قَاعِدَةِ الْبِسَاطِ. قَالَ عبق: وَيُحْتَمَلُ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ وَاجِبٌ شَرْعًا فِي مِثْلِ هَذَا وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا حَنِثَ كَمَا لَوْ حَلَفَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ ثُمَّ إنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى دُخُولِهَا فَيَحْنَثُ الْحَالِفُ بِدُخُولِهَا عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ، وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَالْقَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُصَنِّفِ) أَيْ، وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ كَابْنِ عَرَفَةَ، وَمَنْ تَبِعَهُ فَهِيَ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ بَلْ مِنْ جُمْلَتِهَا الْتِزَامُ مَنْدُوبٍ لَا بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ، وَمَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَشَدُّ مَا أَخَذَ إلَخْ) أَيْ أَشَدُّ الْأَيْمَانِ، وَأَقْوَالِهَا الَّتِي يَأْخُذُهَا أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا مَفْهُومَ لِأَشَدَّ بَلْ مِثْلُهُ أَشَقُّ، وَأَعْظَمُ كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: بَتُّ مَنْ يَمْلِكُ عِصْمَتَهَا) فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ فِيمَا ذَكَرَ، وَكَذَا فِيمَا يَأْتِي بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ نَقَضَ حُكْمَهُ (قَوْلُهُ: وَعِتْقُهُ) أَيْ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ حَالَ الْيَمِينِ، قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ حَالَ الْيَمِينِ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ وَبِهِ قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ حِينَ الْيَمِينِ لَزِمَهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ لِمَا فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْقُصَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَصِيرَ مَالُهُ وَقْتَ الْحِنْثِ نَاقِصًا عَنْ مَالِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ فَاللَّازِمُ لَهُ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ: لَا عُمْرَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَيْمَانِ أَوْعَبُهَا، وَلِذَا جَعَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّ مَاشِيًا دُونَ الْعُمْرَةِ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحُكِيَ فِيهِ أَيْضًا نَقْلًا فِي الْبَيَانِ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ حِينَ الْيَمِينِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا هَدْيَ كَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ، كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالنِّيَّةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ إخْرَاجُهُمَا بِالْأَدَاةِ بَلْ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ لَكِنْ إنْ كَانَ بِالنِّيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَلِفِ، وَإِنْ كَانَ بِالْأَدَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ بِهَا بَعْدَ الْيَمِينِ مُتَّصِلَةٍ بِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِكُلِّ مَا يَلْزَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ سَوَاءٌ جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِالْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي، وَمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا، وَلَيْسَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بِهِ رَاجِعًا لِلْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي، وَمَا قَبْلَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015