وَفِي الْأَعْجَمِيِّ تَأْوِيلَانِ سَلِيمَةٌ عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ وَعَمًى وَجُنُونٍ وَبُكْمٍ، وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ، وَقَطْعِ أُذُنٍ وَصَمَمٍ، وَهَرَمٍ، وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ إلَى آخَرَ مَا قَالَ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى النَّوْعِ الرَّابِعِ الَّذِي لَا يُجْزِئُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي عَلَى التَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) إذَا عَجَزَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ عَنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ لَزِمَهُ (صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَنُدِبَ تَتَابُعُهَا.

(وَلَا تُجْزِئُ) الْكَفَّارَةُ حَالَ كَوْنِهَا (مُلَفَّقَةٌ) مِنْ نَوْعَيْنِ فَأَكْثَرَ كَإِطْعَامٍ مَعَ كِسْوَةٍ، وَأَمَّا مِنْ صِنْفَيْ نَوْعٍ فَيُجْزِئُ فِي الطَّعَامِ فَيَجُوزُ تَلْفِيقُهَا مِنْ الْأَمْدَادِ وَالْأَرْطَالِ وَالشِّبَعِ، وَيَجُوزُ رَفْعُ مُلَفَّقَةٍ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ يُجْزِئُ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا يُجْزِي (مُكَرَّرٌ) مِنْ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ (لِمِسْكِينٍ كَخَمْسَةٍ يُطْعِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ أَوْ يَكْسِي كُلَّ وَاحِدٍ ثَوْبَيْنِ) (وَ) لَا (نَاقِصَ) (كَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (نِصْفٌ) مِنْ مُدٍّ (إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ) فِي الْمُلَفَّقَةِ عَلَى نَوْعٍ لَاغِيًا لِلْآخَرِ فِي الْإِطْعَامِ مَعَ الْكِسْوَةِ، وَيَكْمُلُ فِي الْمُكَرَّرِ عَلَى الْخَمْسَةِ، وَيَكْمُلُ فِي النَّاقِصِ عَلَى النِّصْفِ بِنِصْفٍ آخَرَ لِعَشَرَةٍ (وَهَلْ) مَحَلُّ إجْزَاءِ التَّكْمِيلِ فِي النَّاقِصِ (إنْ بَقِيَ) مَا أَخَذَهُ بِيَدِ الْمِسْكِينِ لِيَكْمُلَ لَهُ الْمُدُّ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ بَلْ تُجْزِئُ، وَلَوْ ذَهَبَ مِنْ يَدِهِ (تَأْوِيلَانِ) ، وَأَمَّا التَّكْمِيلُ فِي الْمُلَفَّقَةِ وَالْمُكَرَّرَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَقَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُكَفِّرِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (نَزْعُهُ) أَيْ نَزْعُ مَا زَادَ بَعْدَ التَّكْمِيلِ (إنْ بَيَّنَ) لِلْمِسْكِينِ وَقْتَ الدَّفْعِ أَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَوَجَدَهُ بَاقِيًا بِيَدِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ نَزَعَ وَالنَّزْعُ فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ (بِالْقُرْعَةِ) إذْ لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، وَمَحَلُّهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ الْآخِذُ بَعْدَ تَمَامِ عَشَرَةٍ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَخْذُ مِنْهُ بِلَا قُرْعَةٍ.

(وَجَازَ) التَّكْرَارُ (لِثَانِيَةٍ) أَيْ مِنْ كَفَّارَةٍ ثَانِيَةٍ بِأَنْ يَدْفَعَهَا لِمَسَاكِينِ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى (إنْ) كَانَ (أَخْرَجَ) الْأُولَى قَبْلَ الْحِنْثِ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِلَّا) يُخْرِجُ الْأُولَى أَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْحِنْثِ فِي الثَّانِيَةِ (كُرِهَ) لَهُ دَفْعُ الثَّانِيَةِ لِمَسَاكِينِ الْأُولَى لِئَلَّا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَتَيْنِ هَذَا إنْ اتَّحَدَ مُوجَبُهُمَا كَيَمِينَيْنِ بِاَللَّهِ بَلْ (وَإِنْ) اخْتَلَفَ (كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ) مُبَالَغَةٌ فِي الْكَرَاهَةِ (وَأَجْزَأَتْ) الْكَفَّارَةُ أَيْ إخْرَاجُهَا (قَبْلَ حِنْثِهِ وَوَجَبَتْ بِهِ) أَيْ بِالْحِنْثِ، وَهُوَ فِي الْبِرِّ بِالْفِعْلِ، وَفِي الْحِنْثِ بِعَدَمِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَفِي الْأَعْجَمِيِّ) (تَأْوِيلَانِ) الْمُرَادُ بِالْأَعْجَمِيِّ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْأَيْمَانَ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا عَجَزَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ) أَيْ لَا وَقْتَ الْيَمِينِ، وَلَا وَقْتَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: تَتَابُعُهَا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَتَابُعَهَا فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْفَوْرِيَّةِ فِي أَصْلِ الْكَفَّارَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ التَّتَابُعِ لَكِنْ لَا لِخُصُوصِ الصَّوْمِ

(قَوْلُهُ: كَإِطْعَامٍ مَعَ كِسْوَةٍ) أَيْ كَالتَّلْفِيقِ مِنْ إطْعَامٍ مَعَ كِسْوَةٍ كَأَنْ يُطْعِمَ خَمْسَةً مَثَلًا، وَيَكْسُوَ خَمْسَةً مَثَلًا فَلَا تُجْزِئُ مِنْ حَيْثُ التَّلْفِيقُ، وَإِنْ صَحَّ التَّكْمِيلُ عَلَى إحْدَاهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ صِنْفَيْ نَوْعٍ) أَيْ، وَأَمَّا التَّلْفِيقُ مِنْ صِنْفَيْ نَوْعٍ، وَقَوْلُهُ فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الطَّعَامِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ أَصْنَافٌ، وَجَمِيعُ أَفْرَادِ الْكِسْوَةِ صِنْفٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ مُكَرَّرٌ) أَيْ تَكْفِيرٌ مُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ عِنْدُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِوُجُوبِ الْعَدَدِ لِتَصْرِيحِ الْآيَةِ بِهِ، وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ دَفْعَهَا لِوَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا سَدُّ الْخَلَّةِ لَا مَحَلُّهَا فَمَتَى سَدَّ عَشْرَ خَلَّاتٍ، وَلَوْ فِي وَاحِدٍ فَقَدْ أَتَى بِالْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ:، وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ عِيَاضٌ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْبَقَاءِ بِأَيْدِيهِمْ لِوَقْتِ التَّكْمِيلِ كَمَا يُفِيدُهُ إجْزَاءُ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ) أَيْ، وَأَمَّا النَّزْعُ فِي مَسْأَلَةِ التَّلْفِيقِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِقُرْعَةٍ؛ لِأَنَّ نَزْعَهُ الْكِسْوَةَ لَيُبْنَى عَلَى الطَّعَامِ أَوْ الْعَكْسِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى اخْتِيَارِهِ لَا يَحْتَاجُ لِقُرْعَةٍ، وَكَذَا نَزْعُهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّكْرِيرِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لِخَمْسَةِ مَسَاكِينَ عَشَرَةَ أَمِدَادً ثُمَّ كَمَّلَ بِإِعْطَاءِ خَمْسَةِ مَسَاكِينَ خَمْسَةَ أَمِدَادً فَإِنَّ رُجُوعَهُ عَلَى الْخَمْسَةِ الْأُولَى بِخَمْسَةِ أَمِدَادً لَا يَحْتَاجُ لِقُرْعَةٍ بَلْ لَا تَتَأَتَّى فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُخْرِجُ الْأُولَى) أَيْ وَاسْتَمَرَّ عَدَمُ إخْرَاجِهَا لِوَقْتِ إخْرَاجِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ) أَيْ فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ أَمْدَادٍ الَّتِي عَنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لَهَا فَهِيَ فِي مُقَابَلَةِ الْكَفَّارَتَيْنِ كَالْعَشَرَةِ الْأُولَى فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَعْطَى عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ عِشْرِينَ مُدًّا كُلَّ خَمْسَةَ عَشَرَ عَنْ كَفَّارَةٍ (قَوْلُهُ: مُبَالَغَةٌ فِي الْكَرَاهَةِ) دَفَعَ بِهَا مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْجَوَازِ، وَعَدَمِ الْمَنْعِ لِاخْتِلَافِ الْمُوجِبِ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَلِفُهُ بِنَذْرٍ مُبْهَمٍ أَوْ بِالْيَمِينِ أَوْ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الصِّيغَةُ صِيغَةً مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا، وَمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْحِنْثَ الْمُقَيَّدَ عَلَى بِرٍّ قَبْلَ ضِيقِ الْأَجَلِ فَإِذَا ضَاقَ تَعَيَّنَ لِلْحِنْثِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَكِلَاهُمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ.

وَلِذَا حَاوَلَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ التَّهْذِيبِ إنْ قَالَ هَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ مِنْ عَدَمِ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ أَيْ عَلَى وَجْهِ الْأَحَبِّيَّةِ كَالْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بِرٍّ؛ لِأَنَّ الْأَحَبَّ فِيهَا عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ لَا يُكَفِّرَ إلَّا بَعْدَ الْحِنْثِ، وَإِنْ أَجْزَأَ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى حِنْثٍ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ كَفَّرَ، وَلَمْ يَفْعَلْ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَتْ بِهِ) أَيْ وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ عَلَى الْفَوْرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُوجِبَهَا أَيْ شَرْطُهَا الْحِنْثُ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015