وَالْعِبْرَةُ بِعَادَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ سَوَاءٌ اعْتَادَ خِلَافَهُمْ أَوْ لَمْ يَعْتَدْ شَيْئًا وَبِعَادَتِهِ هُوَ إذَا لَمْ يَعْتَادُوا شَيْئًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَلَا لَهُمْ عَادَةٌ بِشَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سِوَى كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَإِلَّا عُمِلَ بِنِيَّتِهِ، وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي) (لُزُومِ) صَوْمِ (شَهْرَيْ ظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُشْبِهُ الْمُنْكَرَ مِنْ الْقَوْلِ، وَعَدَمَ لُزُومِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ.
(وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ) كَأَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَالْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ فَالشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَفَعَلَهُ (فِي) كُلِّ شَيْءٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ (غَيْرَ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ) لَا يُعْتَبَرُ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فَيَحْرُمَانِ، وَيَكُونُ طَلَاقًا ثَلَاثًا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ وَتُعْتَقَ عَلَيْهِ الْأَمَةُ وَالصَّوَابُ حَذْفُ الْأَمَةِ إذْ التَّحْقِيقُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَلَا تُعْتَقُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْعِتْقَ وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْأَمَةُ عَطْفٌ عَلَى غَيْرٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَاشَى الزَّوْجَةَ فِي الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ نَفَعَهُ.
(وَتَكَرَّرَتْ) الْكَفَّارَةُ (إنْ قَصَدَ) بِيَمِينِهِ (تَكَرُّرَ الْحِنْثِ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَنَوَى أَنَّهُ كُلَّمَا كَلَّمَهُ لَزِمَهُ الْحِنْثُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ كَانَ) تَكَرُّرُ الْحِنْثِ (الْعُرْفَ) أَيْ كَانَ التَّكَرُّرُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ لَا مِنْ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ (كَعَدَمِ تَرْكِ الْوِتْرِ) مَثَلًا فَمَنْ حَلَفَ لَا يَتْرُكُهُ حِينَ عُوتِبَ عَلَى تَرْكِهِ فَيَلْزَمُهُ كُلَّمَا تَرَكَهُ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُ، وَلَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلَّمَا تَرَكْته فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ (أَوْ) (نَوَى) بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ فِي نَحْوِ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ، وَلَا آكُلُ، وَلَا أَلْبَسُ (كَفَّارَاتٍ) فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُقْسَمِ بِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ التَّأْكِيدَ أَوْ الْإِنْشَاءَ دُونَ الْكَفَّارَاتِ لَمْ تَتَعَدَّدْ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافًا لعبق فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبَعًا لعج وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ كَمَا قَالَ بْن قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ، وَلَيْسَ لِمَالِكٍ فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ كَلَامٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيهِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَلْزَمُهُ الِاسْتِغْفَارُ فَقَطْ، وَقِيلَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَقِيلَ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا، وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَقِيلَ بَتُّ مَنْ يَمْلِكُ، وَعِتْقُهُ، وَصَدَقَةٌ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَمَشْيٌ بِحَجٍّ، وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَصَوْمِ سُنَّةٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ كَذَا فِي الْبَدْرِ وَالْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِعَادَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ) اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ يَعْنِي بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ كُلُّهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَادَةَ لَا يَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ بَلْ جَمٌّ مِنْ النَّاسِ تَحْصُلُ بِهِ الشُّهْرَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَمِلَ بِنِيَّتِهِ) أَيْ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِكُلِّ مِمَّا تَقَدَّمَ وَحَلَفَ بِأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَنَوَى غَيْرَ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرَ الْعِتْقِ أَوْ غَيْرَهُمَا أَوْ غَيْرَ الْمَشْيِ عَمِلَ بِنِيَّتِهِ إذَا كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَلِفِ بِأَنْ كَانَتْ أَوَّلًا أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى ذَلِكَ بَعْدَ الْحَلِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ بِالْأَدَاةِ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُحَاشَاةِ (قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ) أَيْ فِي لُزُومِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ زِيَادَةً عَلَى صَوْمِ السُّنَّةِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَزَوِّجٍ، وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيَّ، وَعَدَمُ لُزُومِهِ، وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنِ عَاتٍ وَابْنُ رَاشِدٍ تَرَدُّدٌ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إذَا كَانَ الْحَلِفُ بِهِمَا مُعْتَادًا، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ قَالَهُ بْن.
(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ شَيْءٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ) أَيْ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَلِبَاسٍ وَأُمِّ وَلَدٍ، وَعَبْدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَغْوٌ، وَقَوْلُهُ لَغْوٌ أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَإِنَّمَا كَانَ لَغْوًا؛ لِأَنَّ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ لِلْعَبْدِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفًا فَتَحْرِيمُهُ لَغْوٌ بِخِلَافِ مَا جَعَلَ لَهُ فِيهِ التَّصَرُّفَ كَالزَّوْجَةِ فَلَا يَكُونُ تَحْرِيمُهَا لَغْوًا بَلْ طَلَاقًا ثَلَاثًا فِي الدُّخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَكِنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي الْمَغْرِبِ لُزُومُ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ حَيْثُ لَا نِيَّةَ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى غَيْرٍ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ لَغْوٌ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ، وَلَغْوٌ فِي الْأَمَةِ، وَيُقَيَّدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِتَحْرِيمِهَا عِتْقَهَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَغْوًا، وَعَلَى هَذَا الْجَوَابُ فَيُقَالُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْأَمَةِ مَعَ دُخُولِهَا فِيمَا قَبْلَهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ فِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، وَعَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهَا تُعْتَقُ (قَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ إلَخْ) أَيْ فَمَحَلُّ كَوْنِ تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ لَا يَكُونُ لَغْوًا مَا لَمْ يُحَاشِهَا فَإِنْ حَاشَاهَا بِأَنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ تَمَامِ يَمِينِهِ لَمْ تَحْرُمْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَفَعَلَهُ فَإِنْ أَخْرَجَ الزَّوْجَةَ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ تَمَامِ يَمِينِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِيهَا، وَلَا فِي غَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا لَزِمَهُ طَلَاقُهَا ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهَا شَيْءٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى عِتْقَهَا لَزِمَهُ، وَهَذَا إذَا جَمَعَ بِأَنْ قَالَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنْ أَفْرَدَ بِأَنْ قَالَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَفَعَلَهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يَنْوِ أَقَلَّ، وَقِيلَ طَلْقَةً بَائِنَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ عِتْقَهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ) أَيْ أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ مُتَعَدِّدَةً بِعَدَدِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْيَمِينِ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ) فَإِذَا دَخَلَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ حَيْثُ نَوَى تَعَدُّدَ الْكَفَّارَاتِ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَلَا آكُلُ) عَطْفٌ عَلَى أَدْخُلُ أَيْ وَوَاللَّهِ لَا آكُلُ وَوَاللَّهِ لَا أَلْبَسُ فَالْمُقْسَمُ بِهِ مُتَعَدَّدٌ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فَإِذَا دَخَلَ، وَأَكَلَ، وَلَبِسَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ)