وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا (وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ) الْكَائِنِ فِي الصَّحِيحَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ النِّسْبَةُ (وَإِلَّا) تَكُنْ الْجِنَايَةُ فِي إحْدَى الْأُذُنَيْنِ بَلْ فِيهِمَا مَعًا وَلَكِنْ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ، أَوْ فِي إحْدَاهُمَا، أَوْ كَانَتْ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى إحْدَاهُمَا، وَالثَّانِيَةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً قَبْلَ ذَلِكَ (فَسَمْعٌ وَسَطٌ) يُعْتَبَرُ وَيُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَيْ يُعْتَبَرُ سَمْعٌ وَسَطٌ لَا فِي غَايَةِ الْحِدَّةِ وَلَا الثِّقَلِ مِنْ رَجُلٍ مِثْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي السِّنِّ، وَالْمِزَاجِ فَيُوقَفُ فِي مَكَان وَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يُعْلَمَ انْتِهَاءُ سَمَاعِهِ، ثُمَّ يُوقَفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي مَكَانِهِ فَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِهِ عَنْ سَمْعِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ سَمْعُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ قُوَّةٍ، أَوْ ضَعْفٍ بِلَا اعْتِبَارِ سَمْعٍ وَسَطٍ فَقَوْلُهُ.

(وَلَهُ نِسْبَتُهُ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ سَمْعِهِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَتْ أُذُنُهُ الْأُخْرَى صَحِيحَةً، أَوْ بِنِسْبَةِ سَمْعٍ وَسَطٍ إنْ لَمْ تَكُنْ الْأُخْرَى صَحِيحَةً، لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ (إنْ حَلَفَ) عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ أَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا انْتَهَى سَمْعُهُ إلَيْهِ، وَالثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ) فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيِّنًا (وَإِلَّا) يَحْلِفْ، أَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةٍ قَدْرَ مِيلٍ وَمِنْ الْأُخْرَى نِصْفِ مِيلٍ (فَهَدَرٌ) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ (و) جُرِّبَ (الْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ) الْعَيْنِ (الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا مَرَّ فِي تَجْرِبَةِ السَّمْعِ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ، ثُمَّ تُغْلَقُ الْمُصَابَةُ وَيُنْظَرُ انْتِهَاءُ مَا أَبْصَرَتْ الصَّحِيحَةُ وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا وَفِيهِمَا بَقِيَّةٌ اُعْتُبِرَ بَصَرٌ وَسَطٌ وَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ (و) جُرِّبَ (الشَّمُّ) الْمُدَّعِي زَوَالَهُ (بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ) أَيْ مُنَفِّرَةٍ لِلطَّبْعِ كَرَائِحَةِ جِيفَةٍ وَأُمِرَ بِالْمُكْثِ عِنْدَهَا مِقْدَارَ كَذَا مِنْ الزَّمَنِ لِيُعْلَمَ حَالُهُ؛ إذْ الْمُتَّصِفُ بِالشَّمِّ لَا يَكَادُ يَصْبِرُ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ عِنْدَهَا فَإِنْ ادَّعَى زَوَالَ بَعْضِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ.

(و) جُرِّبَ (النُّطْقُ بِالْكَلَامِ) مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (اجْتِهَادًا) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَيْ يَرْجِعُ إلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاجْتِهَادِهِمْ فِيمَا نَقَصَ مِنْهُ مِنْ ثُلُثٍ، أَوْ رُبُعٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ شَكُّوا، أَوْ اخْتَلَفُوا فِيمَا نَقَصَ عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ (وَيَقُولُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ، ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَسْمَعَ، أَوْ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، ثُمَّ يَتَبَاعَدُ الصَّائِحُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى لَا يَسْمَعَ وَقَوْلُهُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ أَيْ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عبق.

(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ النِّسْبَةُ) أَيْ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ نِصْفَ سَمْعِ الصَّحِيحَةِ أَعْطَى رُبْعَ دِيَةٍ كَامِلَةٍ، وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ ثُلُثَ سَمْعِ الصَّحِيحَةِ أَعْطَى سُدُسَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ فِيهِمَا) أَيْ، لَكِنْ بَقِيَ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ مِنْ السَّمْعِ، أَوْ بَقِيَ فِي إحْدَاهُمَا بَقِيَّةٌ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُجَرِّبُ بِالْأَصْوَاتِ الْقَوِيَّةِ كَالْبُوقِ، وَالطَّبْلِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِغَفْلَةٍ فَإِنْ انْزَعَجَ فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِلَّا صُدِّقَ.

(قَوْلُهُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ الْجِنَايَةِ بَلْ كَانَتْ مَعْدُومَةً، أَوْ ضَعِيفَةً (قَوْلُهُ: وَيُصَاحُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِسَمْعٍ وَسَطٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى مَا عَلِمَ) أَيْ فَيُعْطِي مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ لِمَا عَلِمَ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ) أَيْ، لَكِنَّ إعْطَاءَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ سَمْعِهِ الصَّحِيحِ، أَوْ بِنِسْبَةِ سَمْعٍ وَسَطٍ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَى إلَخْ) هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينُ تُهْمَةٍ فَلَا تُرَدُّ عَلَى الْجَانِي إذَا نَكَلَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ يَمِينَ تُهْمَةٍ؛ لِأَنَّ الْجَانِي لَمْ يُحَقِّقْ كَذِبَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتَّهِمُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيِّنًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَصْلًا، أَوْ اخْتَلَفَ اخْتِلَافًا مُتَقَارِبًا.

(قَوْلُهُ: وَجَرَّبَ الْبَصَرَ) أَيْ الْمُدَّعِي ذَهَابَ بَعْضِهِ مِنْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ فَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ مِنْ إحْدَاهُمَا، أَوْ مِنْهُمَا مَعًا اُخْتُبِرَ بِالْأَشِعَّةِ الَّتِي لَا ثَبَاتَ لِلْبَصَرِ مَعَهَا، أَوْ يُشَارُ إلَى عَيْنِهِ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ) أَيْ وَيَنْظُرُ إلَى انْتِهَاءِ مَا أَبْصَرَتْ بِهِ الْمُصَابَةُ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ (قَوْلُهُ وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ) أَيْ بَيْنَ مَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُ الْمُصَابَةِ وَمَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُ الصَّحِيحَةِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُعْطِي مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: الْمُدَّعِي زَوَالَهُ) أَيْ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ لَا يَكَادُ يَصْبِرُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ صَبَرَ كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ، وَإِلَّا كَانَ كَاذِبًا.

(قَوْلُهُ: وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ) فَإِذَا قَالَ أَشُمُّ لِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ فَقَدْ صُدِّقَ بِيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارٍ بِمَشْمُومٍ حَادِّ الرَّائِحَةِ وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ فَإِذَا كَانَ مِنْ مَسَافَةِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا أُعْطِيَ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَهَكَذَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُمْتَحَنْ هُنَا بِمِثْلِ مَا مَرَّ فِي الْبَصَرِ، وَالسَّمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ سَدُّ الْجُزْءِ الْبَاقِي مِنْ الشَّمِّ حَتَّى يُخْتَبَرَ مَا ذَهَبَ مِنْ الشَّمِّ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَلِشِدَّةِ تَفْرِيقِ الرِّيحِ لِلرَّائِحَةِ فَلَيْسَتْ كَالصَّوْتِ، وَالْأَجْرَامِ الْمُبْصِرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَجَرَّبَ النُّطْقَ) أَيْ الْمُدَّعِي ذَهَابَ بَعْضِهِ بِالْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ثُلُثٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ يَقْرَأُ رُبُعَ الْقُرْآنِ مُرَتَّلًا فِي سَاعَةٍ وَبَعْدَهَا صَارَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى قِرَاءَةِ ثُمُنِهِ مُرَتَّلًا فِي السَّاعَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَهَكَذَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكُّوا) أَيْ فِي أَنَّ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ رُبُعُ نُطْقِهِ، أَوْ ثُلُثُهُ وَقَوْلُهُ، أَوْ اخْتَلَفُوا أَيْ بِأَنْ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ ثُلُثُ نُطْقِهِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الذَّاهِبَ رُبُعُهُ وَقَوْلُهُ عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ أَيْ، وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْكَثِيرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015